حكم كتابة القرآن بالزعفران ثم شربه بعد ذلك؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله .. وبعد ;
لا بأس من التداوي بالقرآن فالقرآن شفاء (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ)[1]، وعلى هذا من تداوى بالقرآن عن طريق كتابته في لوح أو أوراق بالزعفران ونحوه وشربه فلا يظهر أن فيه شيئا، وقد جاء عن ابن عباس في أثر وهو ذكره الإمام أحمد - رحمه الله - من طريق محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، وفيه أنه يكتب للحامل التي تعسرت ولادتها، وذكر آيات في هذا، وأنه يمسح به موضع الألم. وأيضاً كما تقدم لعموم قوله - سبحانه - : (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ) والشفاء كما نبه عليه العلماء كابن القيم[2]يشمل الشفاء الروحي في قراءته والتداوي به، ويشمل أيضاً الشفاء بأن يتداوى به بالنفث كأن يقرأ وينفث بأن يكتب القرآن، ويشرب ماءه يشمل هذا للعموم؛ لأن هذه الآية من باب الامتنان، وإن كانت في باب الإثبات لكن عمومها من جهة الامتنان، امتنان الله سبحانه وتعالى بالشفاء بالقرآن. وهذا يحصل بأن يكون عموم الشفاء حاصل به على جميع الجهات. ثم أيضاً ما يؤيد هذا أن النَّبيّ عليه الصلاة والسلام كان ينفث على نفسه بالمعوذات، ويمسح على وجهه وسائر بدنه[3]، وكذلك جاءت أدلة في هذا الباب، فيدل على أن نفس قراءة القرآن، وما يلامس الريق من القرآن، فإن له أثرًا حينما يمس البدن، ومن ذلك أيضاً إذا كان نفس القرآن يكتب، ثم بعد ذلك يغسل هذا الزعفران ونحوه.
فإن هذا المعنى موجود، وجاء أثر أيضاً عند أبي داود في قصة ثابت بن قيس بن شماس عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؛أَنَّهُ دَخَلَ عَلَيه، فَقَالَ: "اكْشِفِ الْبَأْسَ، رَبَّ النَّاسِ"، عَنْ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ، ثُمَّ أَخَذَ تُرَابًا مِنْ بُطْحَانَ، فَجَعَلَهُ فِي قَدَحٍ فِيهِ مَاءٌ، فَصَبَّهُ عَلَيْهِ[4]فهذا يؤيد ما تقدم، وأنه لا بأس به وهو قول الإمام أحمد وجماعة من أهل العلم[5].