• تاريخ النشر : 16/01/2017
  • 1272
مصدر الفتوى :
فتاوى المسجد الحرام - رمضان 1437
السؤال :

يقول السائل : ما حكم التكلف في قراءة القرآن والدعاء؟

الإجابة

 الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ; الشرع لا يدعو للتكلف في أي شئ ﴿وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ﴾ [ص:86]. والنبي عليه الصلاة والسلام شريعته ليس فيها تكلف بل فيها تكليف، التكلف تفعل مبالغة غلو فهذا هو التكلف ليس فيه تكلف فيها تكليفٌ، وهذا التكليف على قدر الوسع لا مشقة فيه فالتكلف خارج عن الشريعة لكن أنت تتكلف في غير أمور التكليف تتكلف مثلًا للضيف، لإخوانك حينما تستقبلهم أما ما أمرك الله به فإنك تعمل كما أمرت. القرآن للحرف وللكلمة حدٌ لا يزيد عليه فلا تطغى، ولا تقصر إياك والطغيان والزيادة، وإياك والنقص. التكلف في قراءة القرآن يكون مد المقصور، قصر الممدود، المبالغة في القراءة يعني بعض القراء حينما يقرأ أو بعض القارئين تجده يتغير جسمه تغيرٌ شديدًا ليس قلبه لا جسمه قلبه أبدًا ما فيه قلبه غاضب لكن يتغير ظاهره وباطنه على حاله.المقصود التغير بالباطل حينما يتأثر قلبك يدمع قلبك حقيقة، يخشع قلبك، يظهر الأثر هينًا لينًا سهلًا لا خشونة فيه إنما حينما يكون التكلف الظاهر يكون القلب جامد إنما حينما يكون في القلب بالإقبال بالخشوع يظهر أثره على البدن ظهورًا تقبله النفوس لا مشقة فيه بل فيه الراحة واليسر بخلاف التكلف فإنه يكون ظاهرًا كلفته على البدن؛ ولهذا يرى بعض القراء ممن يتكلفون في القراءة في تعويج ألسنتهم وشفاههم وأعينهم فتجده يغير صورة وجه تغيرًا فاحشًا، يغير الخلقة خلاف الهدى وخلاف السنة ليس هذا سنته عليه الصلاة والسلام ولا طريقته، ولا طريقة أصحابه -رضي الله عنهم- فالمقصود هو قراءة القرآن بالتغني لحديث" ليس منَّا من لم يتغن بالقرآن"(1) تتغنى به تحسن الصوت به كما أمر عليه الصلاة والسلام: «زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ، إِنَّ الصَّوْتَ الْحَسَنَ يَزِيدُ الْقُرْآنَ حُسْنًا»(2) هذا هو المطلوب، ولا تتجاوز حرف بحد للحرف حد لا تتجاوزه كما بيَّن ذلك رحمة الله عليه، وكذلك الدعاء لا تتكلف في الدعاء إياك أن تبالغ. سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه سمع ابنًا له يقول: "اللهم إني أعوذ بك من النار وسلاسلها، وأغلالها وسعيرها، وأسألك الجنة وكذا وكذا، وكذا" قال يا بني إذا سألت الله الجنة أعطاك ما بها سل الله الجنة وتعوذ بالله من النار فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إِنَّهُ سَيَكُونُ أقَوْمٌ يَعْتَدُونَ فِي الطَّهُورِ وَالدُّعَاءِ»(3)، وعبد الله المغفل كما روى عنه أبو نعامة، ، وأبو نعامة،  هذا روى هذا الحديث يعني عن سعد بن أبي وقاص، وعبد الله المغفل -رضي الله عنه- سمع ابن له عبد الله المغفل المزني ابن من أبنائه يقول: "اللهم إني أسألك القصر الأبيض عن يمين الجنة إذا دخلتها" القصر الأبيض عن يمين الجنة إذا دخلتها، قال: يا بني إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إِنَّهُ سَيَكُونُ أقَوْامٌ يَعْتَدُونَ فِي الطَّهُورِ وَالدُّعَاءِ»(4) فنهى عن ذلك فالاعتداء في الدعاء إما مثل هذه الكلمات يبتديها تكلف أو يكون بالتعدي هي ليست قطيعة رحم أو يدعو على غيره لا بأس للإنسان أن يفسر في الدعاء أحيانًا حينما تسأل ربك "اللهم اغفر لي ذنبي كله دقه وجلَّ، وأوله وآخره، وعلانيته وسره. اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أسرفت، وما أنت أعلم به أنت المقدم والمؤخر لا إله إلا أنت"(5) وهكذا من أدعية جاءت في باب الإلحاح والطلب لكن حينما تسأل ربك الجنة وتسأله النار، فإذا سألت الله الجنة أعطاك الله الجنة وما فيها "اللهم إني أسالك الجنة وما قرب إليها من قولٍ وعمل"(6) هذا هو السؤال؛ لأنك حينما تسأل الجنة لا يمكن إلا بأسبابها، والنجاة من النار باجتناب طرق التي ترسل إليها. أسألك الجنة وما قرب إلى قولٍ وعمل، وأنت حينما تقول: "أسأل الله لنا الجنة" المعنى تسأله أن ييسر لك أعمال أهل الجنة. أسألك الجنة وما قرب إلى قولٍ وعمل وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قولٍ وعمل.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) أخرجه البخاري (7527) ، (2) أخرجه أبو داود (1468) ، والنسائي في "المجتبى" 2/179، وفي "الكبرى" (1088) وابن أبي شيبة 10/462، والبخاري في "خلق أفعال العباد" ص49 و50، والحاكم 1/572 . وعلقه البخاري في "صحيحه" في كتاب التوحيد، فقال: باب قول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الماهر بالقرآن مع سفرة الكرام البررة، وزَيَنوا القرآن بأصواتكم".
(3) أخرجه أبو داود رقم ( 1480 ) ، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود رقم ( 1480 ).  (4)أخرجه أبو داود(96) وابن ماجه (3864)، وأحمد (16801)،  وابن حبان (6764) عن سعيد بن إياس الجريري، عن أبى نعامة، عن ابن مغفل. وأبو نعامة.ورواه أيضاً عند ابن حبان (6763). والحاكم في المستدرك رقم ( 1979 ) 1 / 724 وقال : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود رقم ( 96 (.
(5) أخرجه مسلم (483). (6) أخرجه ابن ماجة (3846) وأحمد (25019)، والبخاري في "الأدب المفرد" (639)، والطيالسي (1569)، وابن أبي شيبة( 10/ 263 )  في المصنف، وإسحاق بن راهويه (1165)، وأبو يعلى (4473)، والطحاوي في "شرح المشكل" (6024) وابن حبان (869).


التعليقات