شخص يسأل عن حكم تقبيل المصحف؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله ... وبعد ;
الأصل في العبادات والقرب التوقيف هذا هو الأصل فلا نقول إن هذا يُشرع إلا بدليل، وتقبيل المصحف عبادة ، ثبت عنه أنه كان يقبل المصحف ويقول" كتاب ربي كتاب ربي: (1) لكن هذا فيه نظر في الحقيقة وهذا اجتهاد منه، ولم يثبت التقبيل في هذا الباب إلا ما جاء من تقبيل الحجر "إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا أني رأيت رسول الله يقبلك ما قبلتك"(2)، مع أن قراءة القرآن قربه عظيمة؛ فهو كلام الله عز وجل والقاعدة في مثل هذا الباب أن:" الشيء إذا كان قربة، ولم يكن للقياس فيه مدخل فإنه لا يشرع فعله وإن كان فيه تعظيم إلا بتوقيف"(3) هذه قاعدة أشار إليها بعض أهل العلم، وتقبيل المصحف هذا فيه تعظيم لكن لا بد من التوقيف، وليس كل تعظيم مشروع؛ فالنبي عليه الصلاة والسلام قال: "لا تطروني كما فعلت النصارى بعيسى مريم فإني عبد الله ورسوله"(4) فلا يشرع مثل هذا الفعل، فلو أرد إنسان أن يعظم شيئاً، أن يعظم الله ورسوله بقول أو فعل نقول لا يشرع إلا بدليل، ومنه تقبيل المصحف هو عبادة ولم يأتِ التقبيل إلا ما تقدم في تقبيل عمر رضي الله عنه للحجر الأسود، وكذلك ما يكون على سبيل المودة والمؤانسة مثل قبلة الرجل لولده الصغير ونحو ذلك مما جاء في الأدلة من تقبيل الرجل لأولاده (5) كما كان النبي عليه الصلاة والسلام يقبل فاطمة وتقبله عليه الصلاة والسلام (6).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) عن ابن أبي مليكة قال: كان عكرمة بن أبي جهل يأخذ المصحف و يضعه على وجهه و يبكي و يقول: كتاب ربي كتاب ربي.أخرجه الدار مي (3228) والبيهقي في الشعب (2229) من طريق سليمان بن حرب: حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن أبن أبي مليكة به. ابن أبي مليكة لم يسمع من عكرمة فإن ابن أبي مليكة لم يسمع من عمر وعثمان كما قال أبو حاتم ، ولم يدرك طلحة كما قاله الترمذي ، وعكرمة رضي الله عنه قديم الوفاة توفي في خلافة الصديق أو عمر فيكون الأثر على هذا منقطع
(2) أخرجه البخاري (1597) ومسلم (1270).
(3) انظر الآداب الشرعية لابن مفلح (2/295) ، والفروع لابن مفلح (1/195) .
(4) أخرجه البخاري (3445).
(5) عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ : قَدِمَ نَاسٌ مِنَ الأَعْرَابِ ، فَقَالُوا : أَتُقَبِّلُونَ صِبْيَانَكُمْ ؟ فَقَالَ : " نَعَمْ " . فَقَالُوا : لَكِنَّا وَاللَّهِ مَا نُقَبِّلُ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " وَأَمْلِكُ إِنْ كَانَ اللَّهُ نَزَعَ مِنْكُمُ الرَّحْمَةَ "
أخرجه البخاري (5998) ومسلم (2320).
(6) في صحيح الترمذي (2/319) عن عائشة أم المؤمنين قالت: ما رأيت أحدا أشبه سمتا ودلا وهديا برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).. قالت: وكانت إذا دخلت على النبي قام إليها وقبلها وأجلسها في مجلسه وكان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا دخل عليها قامت من مجلسها فقبلته وأجلسته في مجلسها الحديث.وأخرجه أبو داوود(5217) والحاكم أيضا في المستدرك (3/154).