مصدر الفتوى :
اللقاء المفتوح
السؤال :

السؤال: ما تفسير قوله تعالى: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [المائدة:27]؟

الإجابة

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ; هذه الآية آية عظيمة حتى في هذا المعنى إنما قوله: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [المائدة:27]. أهل العلم ذكروا أن للناس فيها ثلاثة أقوال: قولان منحرفان وقولٌ وسط: القول الأول: قول الخوارج الذين يقولون إن من لم يتق الله أنَّ التقوى تقواه في كل شيء، وأن من لم يتق الله فهو لا يقبل منه ، وعندهم على هذا (من وقع في شيءٍ من الكبائر فهو كافر فلا يقبل عمله الذي اتقى فيه ما دام له عملٌ آخر عصى الله فيه) فيجعلون عمله هذا الذي اتقى فيه حابط بعمله الذي سبق منه بمعصية الله –سبحانه وتعالى-، وهذا لا شك هذا قول الخوارج وقولهم قولٌ منكر، وقولٌ باطل دلت الأدلة على بطلانه. القول المقابل له قول "المرجئة" الذين يقولون: أن كل من اتق الشرك بذلك فإنه يعني له وصف الإيمان التام ونحو ذلك، والقول الوسط في هذا هو قول أهل السنة والجماعة –رحمة الله عليهم-: أن قوله سبحانه وتعالى : {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [المائدة:27] أن يتقيه في ذلك العمل الذي يعمله، وإن كان قد عصاه في غيره.لو كان إنسان واقع في بعض المعاصي فيصلي ويصوم، ويذكي ويحج فأعماله التي اتقى الله فيها (أعمال التقوى) إنه يرجى أن يتقبل الله منه -سبحانه وتعالى- إذا اتقى الله في هذا العمل، وإن كان قد عصى في غيره لكن بشرط الإخلاص في هذا العمل وشرط المتابعة. إذا وقع هذان الشرطان إخلاصه العمل لله؛ في أن يكون موحدًا حينما يعمل هذا العمل يكون موحدًا، ثم يعمل هذا العمل على ما أمر الله به ورسوله، عليكن القبول لكل شخصٍ بعينه هذا أمره إلى الله -سبحانه وتعالى-؛ ولهذا قال ابن عمر –رضي الله عنه- (لو علمت أن الله تقبل مني سجدةً لتمنيت الموت)(1)، وهو لما قال له ابنه، وكان قد تصدق أو عمل عملًا فقال: "تقبل الله منك"، قال: (لو علمت أن الله تقبل مني لم يكن غائبًا أحب إلي من الموت) -رضي الله عنه-.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1)أخرج ابن عساكر عن هشام بن يحيى عن أبيه قال‏:‏ دخل سائل إلى ابن عمر فقال لابنه‏:‏ اعطه دينار فاعطاه، فلما انصرف قال ابنه‏:‏ تقبل الله منك يا أبتاه فقال‏:‏ لو علمت ان الله تقبل مني سجدة واحدة أو صدقة درهم لم يكن غائب أحب إلي من الموت، تدري ممن يتقبل الله‏؟‏ ‏ والأثر منقطع بين يحيى بن يحيى بن قيس الغساني ـ والد هشام ـ وابن عمر ، فلم يذكروا له سماعا منه .


التعليقات