• تاريخ النشر : 14/08/2016
  • 667
مصدر الفتوى :
اللقاء المفتوح
السؤال :

يقول السائل : ما حكم الاتكاء على المصحف؟ و حكم مد الرجل إلى الصندوق الذي يحمل المصاحف؟

الإجابة

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ; الاتكاء على المصحف لا يجوز مع العلم إذا كان عالم لا يجوز، لأنه هذا الحقيقة فيه نوع استهانة، ولا يقصد مسلم الاستهانة، لو قصد إهانة لكان يريد كفر والعياذ بالله، لكن قد يكون لغيرها.. يعني المسلم ما يفعل هذا لهذا القصد، لكن ربما جهلًا بالحال أو تكاسل ونحو هذا، مثل هذا لا يجوز { فِي صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ (13) مَرْفُوعَةٍ مُّطَهَّرَةٍ }([1]) والقرآن يجب إكرامه واحترامه والقرآن يتلوه العبد في صلاته، بل النبي عليه الصلاة والسلام قال: ((وَإِنِّى نُهِيتُ أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ، رَاكِعًا، أَوْ سَاجِدًا))(2) أنظر قراءة القرآن منهي عنها في حال الركوع وفي حال السجود، لماذا؟ لأجل أن لا تقرأه وأنت في خفض في حال الركوع أو خفاض أشد في حال السجود، ولذا كان للقيام أعلى أنواع الذكر وهو القرآن، وللركوع ما يليه وهو التعظيم، وللسجود ما يليه هو الدعاء دعاء المسألة، فرتب الذكر في الصلاة بحسب ترتيب حال المصلي، مع أن حال المصلي في الأفضلية بالعكس، فأذل أحوال المصلي وأقرب ما يكون وهو ساجد، ومع ذلك كان حاله حال الذل والمسألة، فكان الدعاء بمعنى الطلب مع الثناء هو الأكثر في السجود، ثم يليه الركوع، وهو التعظيم، ولا بأس أيضًا من دعاء المسألة، لكن الغالب عليه التعظيم.كما في قوله في حديث ابن عباس قوله عليه الصلاة والسلام ((فَأَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ عَزَّ وَجَلَّ وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِى الدُّعَاءِ فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ)) (3)، وفي حديث ابن عباس ومر معنا حديث: ((وَإِنِّى نُهِيتُ أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ، رَاكِعًا، أَوْ سَاجِدًا)) فالقرآن لا يقرأ في الركوع تعظيمًا للقرآن { ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإنَّهَا مِن تَقْوَى القُلُوبِ }([2])  إذا كان تعظيم شعائر الله مشروع في النسك ونحو ذلك، فكيف بما هو كلامه سبحانه وتعالى، كلامه سبحانه، فمن أعظم الشعائر، ومن أعظم ما يشرع للعبد قوله وتلاوته هو كلامه سبحانه وتعالى، هو كلامه سبحانه وتعالى وهو القرآن الذي تكلم به سبحانه وتعالى، فهذا لا يجوز، لا يجوز الاتكاء عليه، نعم، فلا  يجوز الاتكاء على المصحف. كذلك مد الرجلين إلى الصندوق هذا ينظر إن كان الصندوق مرتفع هذا لا بأس به مثل ما يكون صندوق أو الحامل أو نحو ذلك الذي فيه المصاحف والدروج والدواليب مرتفعه، فهذا لا بأس، أو كان في صندوق مستور ومغلق، أيضًا فيما يظهر إذا كان قد أغلق هذا الصندوق وستر ويكون توجه قدميه إلى هذه الصندوق أو هذه الخشبة أو نحو ذلك فلا يظهر فيه شيء؛ لأنه يعني مغلق عليه، وهذا نوع من إكرامه ورفعه. أما توجيه القدمين أو مد الرجلين إلى المصحف وهو على الأرض، والرجلان تقابله الأظهر أنه يجوز، وبعضهم قال بالكراهة، لكن الأظهر هو عدم الجواز لأن هذا ينافي احترام القرآن والإنسان لو كان في مجلس هذا شيء معروف عند الناس، الإنسان لو كان في مجلس وفيه من يجلهم ويحترمهم، يراه من العيب بل من خلاف الأدب أن يمد رجيله، بل قد يكون يتعبه قبض رجليه فيرى من الأدب قبض رجيله، بل أن غيره ربما لا يعذره بمثل هذا لو مد قدميه أمام الناس، في هذا المجلس. فكتاب الله عز وجل أعظم.ولذا من تعظيمه أنك لا تتلوه وأنت على غير وضوء، ولا يجوز لك أن تقرأه وأنت على جنب، فإذا كان الجنب لا يجوز أن يقرأ القرآن وأن تتلفظ به وتقرأه، ولا يجوز أن تمسه إذا كانت على غير وضوء، فما كان على الوصف الذي يكون فيه عدم احترام بمد القدمين من باب أولى من جهة القياس، وأن الإنسان حينما يمد رجليه إلى ما هو دونه في الاحترام لا يجوز، فالقياس الأولى أن مد ما هو في أعلى درجات العظمة والاحترام من باب أولى أنه لا يجوز، وهذا قياس جلي بيّن كما تقدم، وتقدم أيضًا أن من باب التعظيم وتعظيم شعائر الله سبحانه وتعالى.  ومن ذلك تعظيم القرآن بأن يكون تلاوته في حال القيام، ودون حال الركوع والسجود، هذا كله إذا تأملته وجدته بينّيا في تعظيم كلام الله تعالى في جميع وجوه التعظيم، وقد نص العلماء على أن الكتب حتى إن بعضهم شدد في هذا، وذكر ترتيبًا معينًا من أهل العلم في وضع الكتب، ليس في الاستناد عليها لا حينما تسند كتاب على كتاب، يعني لا أن تنستند عليها لا حينما تسند على كتاب يقولون: لا تضع كتاب الحديث فوق القرآن، مع أن الجميع كله وحي { إنْ هُوَ إلاَّ وحْيٌ يُوحَى }([4])  ضع القرآن فوق كتاب الحديث، والحديث فوق كتاب الفقه، وكتاب الفقه تتلوها الكتب الأخرى التي هي دونها في الحرمة والإكرام والتعظيم.



([1]) سورة عبس، آية 13، 14. (2) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَشَفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السِّتَارَةَ وَالنَّاسُ صُفُوفٌ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ، فَقَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ مُبَشِّرَاتِ النُّبُوَّةِ إِلَّا الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ، يَرَاهَا الْمُسْلِمُ، أَوْ تُرَى لَهُ، أَلَا وَإِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا، فَأَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ عَزَّ وَجَلَّ، وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ، فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ» أخرجه مسلم (479). ([2]) سورة الحج، آية 32. (3)أخرجه مسلم (479). ([4]) سورة النجم، آية 4.


التعليقات