• تاريخ النشر : 04/08/2016
  • 226
مصدر الفتوى :
فتاوى المسجد الحرام - الحج 1435
السؤال :

يقول السائل : هل يجوز حلق اللحية؟ وهل يجوز صيام خمسة أيام من ذي الحجة وهو لم يصم خمسة أيام في رمضان؟

الإجابة

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ; أما حلق اللحية فلا يجوز، لما ثبت في الأخبار الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عمر في الصحيحين(1) وحديث أبي هريرة في صحيح مسلم أنه عليه الصلاة والسلام قال: ((حفوا الشوارب وأوفوا اللحى، خالفوا المشركين)) (2) وفي صحيح مسلم من حديث ابن عمر: ((جزوا الشوارب وأرخوا اللحى، خالفوا المجوس)) (3) فإعفاء اللحى فيه مخالفة للمشركين ومخالفة للمجوس، وإن كان بعضهم قد يعفيها لكن هذا هو الأصل من المعاني، ولو تغير المعنى لأن اللحية من خصال الفطرة كما في حديث عائشة ذكرت من خصال الفطرة في حديث النبي عليه الصلاة والسلام أنها عشر، منها: ((حف الشارب، وإعفاء اللحية)) (4) وقال: ((قصوا الشوارب وأعفوا اللحى)) هذا يبين أن القص للشوارب وأن اللحى تعفى ولا يقص منها، إذ لو كان قصها جائزاً لم يكن فرق بينها وبين الشارب لأن الشارب يقص، ولو جاز الأخذ من اللحية لم يكن هناك فرق بين الشارب واللحية، لأن النبي أمر بقص الشارب.لكن اختلف العلماء في القص، هل هو أدنى أخذ أو الجز؟ وهذا يرجع إلى قاعدة أصولية وهو إذا جاء مسمى في اللغة وله وصف أعلى ووصف أدنى، هل يؤخذ بالأعلى أو بالأدنى؟ مثل القص ينتهي إلى حد الجز، وأيضاً يدخل في القص أدنى أخذ، أنى أخذ من الشارب يسمى قص، وكذلك المبالغة في الجز يقال: قص، يعني من جهة عموم المعنى، وهذا عند الإطلاق يكفي مجرد الأخذ لكن جاءت الأدلة تبين أن المراد ليس مطلق القص بل المبالغة في القص حتى ينتهي إلى الجز، ((جزوا الشوارب)) ((حفوا الشوارب)) ((أنهكوا الشوارب)) (5) وفي حديث بريدة عند الترمذي والنسائي بإسناد صحيح عنه عليه الصلاة والسلام قال: ((من لم يأخذ من شاربه فليس منا)) (6)وفي حديث المغيرة عند أبي داود أنه قال: جئت النبي صلى الله عليه وسلم وفي شاربي وفا، أي طول، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: ((ألا أقصه لك على سواك؟))(7) قال: فقصه لي على سواك، يعني وضع السواك على الشفة وجعل يرفع السواك ويقص، مثل ما يُفعل بالقص: ترفع وتأخذ وترفع وتأخذ، هذا يبين أنه يؤخذ حتى يبقى منه شيء كالإطار ولا يحلقه. ما جاء من رواية الحلق فلا تثبت إنما الذي جاء القص والمبالغة في الأخذ يقابله اللحية أنها تُعفى أما حديث أبي هريرة عند الترمذي أنه عليه الصلاة والسلام "كان يأخذ من طول لحيته وعرضها" (8)، هذا حديث منكر بل موضوع عند بعض العلماء، من طريق عُمَرُ بْنُ هَارُونَ الْبَلْخِيُّ وهو متروك، بل قال يحيى بن معين: كذاب خبيث، بالغ رحمه الله، والواجب هو تركها وإعفاؤها وإرخاؤها وما جاء بعد ذلك من اجتهادات فإنها اجتهاد ممن قاله، وهو الذي ثبت عنه ذلك وكذلك جاء عن بعض الصحابة، والصحابة حينما يكون يجتهد في مسألة ويخالفه غيره ولو لم يكن فيها نص فإنه ليس حجة على غيره باتفاق، فكيف إذا كان قوله أو اجتهاده مخالف للنص، يقال: إما أنه خفي عليه النص أو اجتهد وابن عمر روى هذا الخبر والعبرة بما روى لا بما رأى(9)، ثم الصحابي إذا فسر الخبر بتفسير يخالف ظاهر الخبر يكون اجتهاداً ولو قلنا أن تفسيره يؤخذ به لكان تقييداً لمطلق النص، أو تخصيصاً لعمومه، وبإجماع المسلمين فإن النصوص لا تُخصصها إلا النصوص إنما اختلفوا في قول الصحابي: هل هو حجة أو ليس بحجة؟ على تفصيل لأهل العلم.فابن عمر رضي الله عنه كان يأخذ من شاربه ويقصه ويأخذ ثم هو رضي الله عنه يأخذ ما زاد عن القبضة، وكثير من الذين يقولون بجواز القص نقول ما حجتكم؟ يقول: حديث ابن عمر، ما الذي يجوز؟ قال يجوز على حد القبضة، قلنا: ما الحجة؟ قالوا فعل ابن عمر، وسبحان الله يكون فعل ابن عمر الذي اجتهد حداً محدوداً لا يجوز تجاوزه، ويقيد به النصوص، وقول النبي عليه الصلاة والسلام لا نأخذ به، هذا لا يجوز، ولو قال من هو أجل من ابن عمر، ولهذا قال ابن عباس يوشك أن تهلكوا، وهذا الثابت عنه، أما قوله: يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء، هذا لم يأتي بسند بين، "يوشك أن تهلكوا، أقول قال رسول الله وتقولون قال أبو بكر وعمر،(10) وقال: يا عرية سل أمك، لما خالفهم في مسألة التمتع، المقصود أن هذه النصوص وهذه الأدلة وهذا هو الواجب وهو الأخذ بها.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1)عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما – قال : قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أنهكوا الشوارب وأعفوا اللحى " رواه البخاري (5443) ومسلم(600). (2)عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( جزوا الشوارب وأرخوا اللحى خالفوا المجوس ). رواه مسلم (383) (3)عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما – قال : قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( خالفوا المشركين أحفوا الشوارب وأوفوا اللحى ) رواه مسلم(602). (4)عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " عَشْرٌ مِنَ الْفِطْرَةِ: قَصُّ الشَّارِبِ، وَإِعْفَاءُ اللِّحْيَةِ، وَالسِّوَاكُ، وَاسْتِنْشَاقٌ بِالْمَاءِ، وَقَصُّ الْأَظْفَارِ، وَغَسْلُ الْبَرَاجِمِ، وَنَتْفُ الْإِبْطِ، وَحَلْقُ الْعَانَةِ، وَانْتِقَاصُ الْمَاءِ " يَعْنِي الِاسْتِنْجَاءَ قَالَ زَكَرِيَّا: قَالَ مُصْعَبٌ: وَنَسِيتُ الْعَاشِرَةَ، إِلَّا أَنْ تَكُونَ " الْمَضْمَضَةَ " رواه مسلم (261) (56). (5) انظر هامش 1،2،3 الصفحة الصفحة السابقة. (6) أخرجه الترمذي (2761) ، والنسائي في "المجتبى" 1/15 و8/129- 130 ، قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.  (7) أخرجه أبو داود (188) ، والترمذي في "الشمائل" (168) ، والطبراني في "الكبير" 20/ (1059).
(8) أخرجه الترمذي (2912) وقال الترمذي هذا حديث غريب.  (9) أخرج البخاري (5892) : ( وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا حَجَّ أَوْ اعْتَمَرَ قَبَضَ عَلَى لِحْيَتِهِ فَمَا فَضَلَ أَخَذَه  ).
(10) عن ‏‏ابن عباس ‏‏قال :‏ تمتع النبي ‏صلى الله عليه وسلم ‏فقال ‏عروة بن الزبير :‏ ‏نهى ‏ ‏أبو بكر ‏‏وعمر ‏عن المتعة ، فقال ‏‏ابن عباس ‏ : ‏ما يقول ‏عرية ؟‏ ‏قال : يقول : نهى ‏‏أبو بكر ‏‏وعمر ‏عن المتعة ، فقال ‏‏ابن عباس :‏‏ أراهم سيهلكون ، أقول : قال النبي ‏‏صلى الله عليه وسلم ،‏ ‏ويقول نهى ‏‏أبو بكر ‏‏وعمر . رواه أحمد (1/337) ، وابن عبد البر في " جامع بيان العلم وفضله " (237) ، والخطيب في " الفقيه والمتفقه " (379) من طريق ‏شريك ، عن ‏‏الأعمش ‏، ‏عن ‏‏الفضيل بن عمرو ‏قال :‏ ‏أراه عن ‏‏سعيد بن جبير ‏ ‏، عن ‏‏ابن عباس به . وإسناده ضعيف ، فيه شريك بن عبد الله قال الحافظ في " التقريب " : صدوق يخطىء كثيرا .


التعليقات