يقول السائل : هل التيمم تقُديم الوجه على اليدين لكننا رأيناك تقدم اليدين عن الوجه؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ;
أي نعم لا بأس من أن يقدم اليدين، وهذا جاء في الحديث على النبي –عليه الصلاة والسلام- أيضًا قدم اليدين على الوجه، بل جاء في الرواية الصحيحة ثم مسح وجهه،(1) وجاء أيضا بالواو بتقديم اليدين بالواو، وفي الآية ﴿فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيدِيكُمْ﴾[النساء:43] هذا لا يقتضي الترتيب، وإن كان الواو سبق الإشارة إليها أن تقتضي الترتيب أو لا تقتضي الترتيب،أو تقتضي الترتيب على قول اختيار ابن القيم رحمه الله إذا كانت داخلة على مجملٍ فصلته (الواو) فإنها تقتضي الترتيب،
وذكره ما معناه أن هذا هو أحسن الأقوال أو أرجح الأقوال، وهذه الآية ليس فيها إلا عنوان بخلاف آية الوقوف فإنها فيها تفصيل، ثم الأحاديث واضحة أنه –عليه الصلاة والسلام- ضرب ثم بين، لما بين لعمار وقال: «تقولوا: كذا فضرب بيداه ثم مسح ثم مسح وجهه –عليه الصلاة والسلام-»(2)، وهذا هو الصحيح، بعضهم قال: يجب الترتيب، كما أن الوجه يُغسل في الوضوء قبل اليدين فيكون في المسح (في التيمم) يكون قبل اليدين لهذا قولٌ ضعيف، وقياس التيمم على الوضوء قياسٌ مع الفارق هذه طهارة بالتراب، وهذه طهارة بالماء، ثم هذه طهارة في عضوين، وهذه في جميع الأعضاء في المضمضة والاستنشاق، وغسل الوجه واليدان، ومسح الرأس والرجلان، ومهما قيل فإن النص ورد، وإذا ورد النص بطل القياس، ولا اعتبار في هذه الحالة ولا قياس مع النص.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أخرجه البخاري (345) و (346) و (347)، ومسلم (368) (110).
(2)عن شَقيق، قال:كنتُ جالساً بينَ عبدِ الله وأبي موسى، فقال أبو موسى: يا أبا عبدِ الرحمن، أرأيتَ لو أنَّ رجلاً أجنَبَ فلم يَجِدِ الماءَ شهراً، أما كان يَتَيَمَّمُ؟ قال: لا، وإن لم يَجِدِ الماءَ شهراً، فقال أبو موسي: فكيفَ تَصنَعونَ بهذه الآيةِ التي في سورة المائدة: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [المائدة:6] فقال عبدُ الله: لو رُخِّصَ لهم في هذا لأوشَكُوا إذا بَردَ عليهمُ الماءُ أن يَتَيَمَّموا بالصَّعيدِ، فقال له أبو موسي: وإنَّما كَرِهتُم هذا لهذا؟ قال: نعم، فقال له أبو موسى: ألم تَسمَعِ قولَ عمَّار لعمر: بَعَثَني رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في حاجةٍ، فأجنَبتُ، فلم أجِدِ الماءَ, فتَمَرَّغتُ في الصَعيدِ كما تَتَمَرَّغُ الدابَّهُ، ثمَّ أتيتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فذكرتُ ذلك له، فقال: "إنَّما كانَ يكفيكَ أن تَصنَعَ هكذا"، فضَرَبَ بيده على الأرضِ فنَفَضَها، ثمَّ ضَرَبَ بشِمالِه على يمينِهِ، وبيمينهِ على شِمالِه على الكَفَّينِ، ثمَّ مَسَحَ وجهَه، فقال له عبدُ الله: أفلم تَرَ عمرَ لم يَقنَع بقولِ عمَّار؟ أخرجه البخاري (345) و (346) و (347)، ومسلم (368) (110).
وعن ابن عبد الرحمن بن أَبْزى، عن أبيه عن عمَّار في هذا الحديث، قال: فقال -يعني النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّما كانَ يكفيكَ أن تَضرِبَ بيَدَيكَ إلى الأرضِ فتَمسَحَ بهما وَجهَكَ وكَفَّيكَ" أخرجه البخاري (338)، ومسلم (368).