عبد الكريم من الجزائر، سأل عن المسح على الجورب؟ هل هو مثل حكم المسح على الخفين؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ;
هو يشير إلى مسألة المسح على الجوارب، هل هو مثل المسح على الخفاف التي هي من جلد؟ بعض أهل العلم لا يرى المسح على الجوارب الخالصة التي ليست مجلدة، أو ليست جلداً، والصحيح أنه يجوز المسح على جميع أنواع الجوارب، سواء أن كانت من قطن، أو من صوف، أو من أي شيء. بل توسع بعض العلماء، ورأى حتى اللفائف أنه يجوز المسح عليها، وخاصة عند الحاجة لأن المسح على الجوارب مقصود منه الرخصة، فإذا اشتدت الحاجة حتى لم يجد جوارب، واحتاج إلى لفائف في هذه الحالة يمسح عليها.بل قد يشتد الأمر، وتكون كالجبيرة مع شدة البرد، وقلة ذات اليد، أو أنه لا يجد شيئاً يستر به قدميه من الجوارب، وقد دلت الأدلة على هذا المعنى، ومن جهة عموم الأدلة، وعموم المعنى:في قوله عليه الصلاة والسلام في حديث
بلال "أنه كان يمسح على الخفين، والخمار"(1) وعند أحمد" امسحوا على الخفين والخمار "(2).ولهذا قال العلماء أو قال بعض أهل العلم إن الخمار كل ما يختمر به فيشمل أيضاً ما يوضع على الرأس.أيضاً في حديث ثوبان أنه عليه الصلاة، والسلام قال كنا في سرية فأمرنا أن نمسح على العصائب، والتساخين "(3)، وهو حديث جيد خلافا لما أعله بالانقطاع، بين راشد ابن سعد، وثوبان فهو متصل على طريقة بعض أهل العلم، وقد أثبت سماعه منه بعض الحفاظ. وقوله التساخين يدل على أنه علقه بعله، وهو معنىً مشتق، وهو التسخين،فكل ما يحصل به تسخينٌ للقدم فإنه يجوز المسح عليه، بل ربما أحياناً بعض ما يكون من القطن، والكتان أبلغ في تدفئة القدم، والمقصود من هذا هو حصول، أو زوال الحاجة بالمسح على هذا الشيء.أما حديث أنه مسح على الجوارب، أنه في حديث مغيرة أنه مسح على الجوربين، والخفين فهذا الحديث معلول، ولهذا ابن القيم رحمه الله قال إننا لا نستبيح، أو أننا لا نرى أن نستدل بهذا الحديث على هذه المسألة، ثم ذكر أدلةً من جهة المعنى، وذلك هو أقوى ما ذكر عن الصحابة رضي الله عنهم، وأنه ثبت عن تسعة من الصحابة، وأكثر رضي الله عنهم، وهذا منهم يدل على أنه أمرٌ معروف، ولهذا لا بأس أن يمسح على هذه الجوارب لكن يحتاط، وأن تكون ساترة بمعنى أن لا تكون شفافة. وهل هذه يجوز المسح عليها؟ نعم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)البزار-البحر- (1368) والطبراني في الكبير (1062). والبيهقي وفي الأوسط(3214).
(2)هو عند أحمد (23896) ومصنف عبد الرزاق (737) ، والطبراني (1068) .
(3) هو عند أحمد (22383) وأخرجه أبو داود (146) ، ومن طريقه البيهقي 1/62،