الحمدلله .. والصلاة والسلام على رسول الله .. وبعد , خروج الدم اختلف العلماء فيه منهم من يراه ناقضا مطلقاً للوضوء، ومنهم من يرى أنه لاينقض الشئ اليسير.. والأظهر والله أعلم مذهب أحمد رحمه الله (وأن القطرة والقطرتين لاتنقضان) ومذهب مالك والشافعى أن الدم ليس بناقض مطلقاً وهذا أظهر، وذلك أن النواقض محصورة ومحدودة ،وليس خروج الدم منها ،هذا من جهة الأصل، ويكفينا فى هذه المسألة أنه لادليل على النقض به ، ثم أيضاً جاءت أدلة من السنة ومن السيرة مايدل على أن الدم ليس بناقض، منها قصة  حديث جابر بن عبد الله رضى الله عنهما التى عند ابن داوود بإسناد جيد  (حينما كان يصلى و رماه ربيئة القوم  وجاسوس المشركين وكان يقرأ فنزع السهم والدم يسيل منه فاستمر فى صلاته رضى الله عنه )⁽¹⁾ . وجاء فى رواية عند البيهقى وغيره أنه بلغ النبي ذلك⁽²⁾ ، ومثل هذا واقع فى عهده عليه الصلاة والسلام فهو مؤيد للأصل المتقدم ، وذكر البخارى رحمه الله  آثاراً فى هذا الباب عن جملة من الصحابة عن ابن أبى أوفى وعن ابن عمر وأنهم كانوا لايتوضأون من الدم إذا خرج من الأنف⁽³⁾ . وكذلك قال الحسن رحمه الله : لم يزل الصحابة يصلون فى جراحاتهم رضى الله عنهم -كانوا يصلون فى جراحاتهم- كل هذه الآثار تدل على هذا المعنى كما تقدم وهذا هو الأظهر والصواب فى هذه المسألة لكن من توضأ من باب الاحتياط هذا لا بأس به وإن كان كما تقدم لايلزمه لأن النواقض محصورة وليس هذا منها.



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1)أخرجه أبو داود في "السنن" (198).وهو في "مسند أحمد" (14704).وعلقه البخاري بصيغة التمريض فقَال: وَيُذْكَرُ عَنْ جَابِرٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ , فَرُمِيَ رَجُلٌ بِسَهْمٍ، فَنَزَفَهُ الدَّمُ، فَرَكَعَ، وَسَجَدَ وَمَضَى فِي صَلاَتِهِ» فتح الباري(1/280). وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي. (2) أخرجه البيقي في "السنن" الكبرى (663). (3) هو في سنن الأثرم (83،85)، وقَال الْبُخَارِيُّ كما في في الفتح (1/280) قَالَ الْحَسَنُ "مَا زَالَ الْمُسْلِمُونَ يُصَلُّونَ فِي جِرَاحَاتِهِمْ" وَقَالَ طَاوُسٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ وَعَطَاءٌ وَأَهْلُ الْحِجَازِ لَيْسَ فِي الدَّمِ وُضُوءٌ وَعَصَرَ ابْنُ عُمَرَ بَثْرَةً فَخَرَجَ مِنْهَا الدَّمُ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ وَبَزَقَ ابْنُ أَبِي أَوْفَى دَمًا فَمَضَى فِي صَلاَتِهِ وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ وَالْحَسَنُ فِيمَنْ يَحْتَجِمُ "لَيْسَ عَلَيْهِ إِلاَّ غَسْلُ مَحَاجِمِهِ"