يقول : ما حكم قراءة القران جماعة وإهدائها للميت ؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ;
لا يشرع هذا من البدعة إذا كان يقرأ الجماعة بصوت واحد هذا ليس من السنة , والقراءة الجماعية تكون مثلاً حلقة قرآن كأن يقرأ المعلم ويكرر ورائه هذا للجماعة، فمن السنة أن يقرأ واحد ويستمع البقية كما في الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه:" قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: إقرأ علي القرآن، فقلت: يا رسول الله أقرأ عليك وعليك أنزل، قال إني أحب أن أسمعه من غيري فقرأت عليه سورة النساء حتى جئت إلى هذه الآية {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَىٰ هَٰؤُلَاءِ شَهِيدًا (41)}(1) قال حسبك الآن التفت إليه فإذا عيناه تذرفان" متفق عليه(2). فلا بأس بهذا لأنه من التعبد المشروع، أما أن يقرأ الجماعة بصوت واحد ووقت واحد هذا من البدع فالسنة ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم والقراءة المشروعة أن يقرأ واحد ويستمع الباقون كما تقدم عن ابن مسعود رضي الله عنه، ويجب أن يحذر المسلم من السيئات والبدع والمحدثات، ويقف عندها ويحاسب نفسه عليها، ويكثر من الحسنات فإنها لن تضيع عند الله تعالى الذي أحصى كل شيء عدداً، وهو سبحانه وتعالى لا يضيع أجر من أحسن عملا. فعندما قال له أبو موسى الأشعري يا أبا عبد الرحمن هناك أناس يذكرون الله كذا وكذا لبس رداءه عليه وقال لقد سبقتم أصحاب محمد أو جئتم ببدعة ظلماً فعدوا حسناتكم فإنها لا تضيع وعدوا سيئاتكم يوشك أن تهلكوا فهم ضلوا وأضلوا عن سواء السبيل(3)، هذه البدع تدخل شيئاً فشيئاً فتهلك صاحبها هذا من التحذير من البدع وأصحابها .
أما بالنسبة للقراءة للميت جاء جماعة من أهل العلم على عدم مشروعيته وعدم جوازه والأولى الإكثار من الدعاء والاستغفار كذلك أيضا الحج عن الغير ,والعمرة عن الغير ,وكذلك الصوم عن الغير عن الميت صوم النذر أو القضاء عن حديث عائشة عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ الله عَنْهَا- أَنّ رسول اللهِ -صَلّىٰ الله عَلَيْهِ وَسَلّم- قال :« مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ»(4).الذي عليه الصوم إما أن يكون: قضاء من رمضان، أو نذر نذره، أو كفّارة مثل كفارة الجماع أو الظهار أو قتل خطأ ، والأصل في العبادة هي التوقيف وأن ليس للإنسان إلا ما سعى وإن كان بعضهم يقول معناها أن سعيه له هذا هو الظاهر ولكن سعى غيرة له إن كان مشروعا لا بأس به مشروعاً، والدليل حديث النبي صلى الله عليه وسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : (إِذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلا مِنْ ثَلاثٍ: مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ ). (5)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
([1]) سورة النساء ، الآية (41)
(2) أخرجه البخاري رقم (4582) ، ومسلم رقم (800) .
(3) قال الدارمي أَخْبَرَنَا الْحَكَمُ بْنُ الْمُبَارَكِ، حَدَّثَنَا عُمَرُو بْنُ يَحْيَى ابن عمرو بن سلمة. قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنَّا نَجْلِسُ عَلَى بَابِ عَبْدِ الله بْنِ مَسْعُودٍ قَبْلَ صَلَاةِ الْغَدَاةِ، فَإِذَا خَرَجَ مَشَيْنَا مَعَهُ إِلَى الْمَسْجِدِ, فَجَاءَنَا أَبُو مُوسَى الأَشْعَرِيُّ فَقَالَ: أَخَرَجَ إِلَيْكُمْ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ؟ قُلْنَا: بَعْدُ لَا, فَجَلَسَ مَعَنَا حَتَّى خَرَجَ، فَلَمَّا خَرَجَ قُمْنَا إِلَيْهِ جَمِيعًا فَقَالَ لَهُ أَبُو مُوسَى: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِنِّي رَأَيْتُ فِي الْمَسْجِدِ آنِفًا أَمْرًا أَنْكَرْتُهُ- وَلَمْ أَرَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ إِلاَّ خَيْرًا- قَالَ: فَمَا هُوَ؟ فَقَالَ: إِنْ عِشْتَ فَسَتَرَاهُ، قَالَ: مَا رَأَيْتَ؟ قَالَ: رَأَيْتُ فِي الْمَسْجِدِ قَوْمًا حِلَقًا جُلُوسًا يَنْتَظِرُونَ الصَّلَاةَ, فِي كُلِّ حَلْقَةٍ رَجُلٌ, وَفِي أَيْدِيهِمْ حَصا فَيَقُولُ: كَبِّرُوا مِائَةً, فَيُكَبِّرُونَ مِائَةً, فَيَقُولُ: هَلِّلُوا مِائَةً, فَيُهَلِّلُونَ مِئَةً, وَيَقُولُ: سَبِّحُوا مِائَةً, فَيُسَبِّحُونَ مِائَةً, قَالَ: فَمَاذَا قُلْتَ لَهُمْ قَالَ: مَا قُلْتُ لَهُمْ شَيْئًا انْتِظَارَ رَأْيِكَ، وِانْتِظَارَ أَمْرِكَ, قَالَ: أَفَلَا أَمَرْتَهُمْ أَنْ يَعُدُّوا سَيِّئَاتِهِمْ وَضَمِنْتَ لَهُمْ أَنْ لَا يُضَيَّعَ مِنْ حَسَنَاتِهِمْ؟!، ثُمَّ مَضَى, وَمَضَيْنَا مَعَهُ حَتَّى أَتَى حَلْقَةً مِنْ تِلْكَ الْحِلَقِ فَوَقَفَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ: مَا هَذَا الَّذِي أَرَاكُمْ تَصْنَعُونَ؟ قَالُوا: يَا أَبَا عَبْدِ الَّرحْمَنِ حَصاً نَعُدُّ بِهِ التَّكْبِيرَ وَالتَّهْلِيلَ وَالتَّسْبِيحَ, قَالَ: فَعُدُّوا سَيِّئَاتِكُمْ, فَأَنَا ضَامِنٌ أَنْ لَا يَضِيعَ مِنْ حَسَنَاتِكُمْ شَيْءٌ, وَيْحَكُمْ يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ مَا أَسْرَعَ هَلَكَتَكُمْ, هَؤُلَاءِ صَحَابَةُ نَبِيِّكُمْ صَلى الله عَليهِ وسَلم مُتَوَافِرُونَ, وَهَذِهِ ثِيَابُهُ لَمْ تَبْلَ, وَآنِيَتُهُ لَمْ تُكْسَرْ, وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّكُمْ لَعَلَى مِلَّةٍ هِيَ أَهْدَى مِنْ مِلَّةِ مُحَمَّدٍ أَوْ مُفْتَتِحُوا بَابِ ضَلَالَةٍ! قَالُوا: وَالله يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَا أَرَدْنَا إِلاَّ الْخَيْرَ, قَالَ: وَكَمْ مِنْ مُرِيدٍ لِلْخَيْرِ لَنْ يُصِيبَهُ, إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَليهِ وسَلم حَدَّثَنَا أَنَّ قَوْمًا يَقْرَؤُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، وَايْمُ الله مَا أَدْرِي لَعَلَّ أَكْثَرَهُمْ مِنْكُمْ، ثُمَّ تَوَلَّى عَنْهُمْ. أخرجه الدارمي رقم (222) وابن وضاح في البدع (1/29).
(4) أخرجه البخاري (1952) ومسلم رقم (1147).
(5) أخرجه مسلم برقم (1631) ، والبخاري في "الأدب المفرد" ص 26 رقم (38).