كيف يُدعى للصغير في الجنازة، وهل هو كالكبير ؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله ... وبعد ;
الأظهر -والله أعلم- أن يقال : أنه لا بأس أن يدعوا للصغير كما يدعوا للكبير؛ فالأحاديث عامة عن النبي - عليه الصلاة، والسلام - في الدعاء للميت ، ولم يخص - عليه الصلاة، والسلام - نوعاً من الجنائز بدعاء ، بعض أهل العلم قال:إن الصغير يدعى لوالديه، ولا يدعى له؛ لأنه لا ذنب له، ومات قبل التكليف، وأطفال المسلمين في الجنة، هذه معاني في الحقيقة، واستنباطات تحتمل الصحة، وتحتمل عدم الصحة، ومادامت مجرد معانٍ؛ فلا تعارض بها مع الأدلة، إما المعاني، والاستنباطات تكون في مسائل اجتهادية بحتة ليس لها ما يعارضها من الأدلة، يمكن تقوى على تقوية المعنى الذي يقول به بعض أهل العلم، أما إذا كان عندنا دليل عام في مسألة من المسائل، وهو شامل لهذه الصورة المسئول عنها؛ فلا يمكن أن نقول: إن هذه الصورة أو هذا الشخص خارج من العموم.
الصلاة على الطفل مثلاً، مثل ما تقدم مثلاً في الدعاء للمرأة أو الدعاء للرجل" اللهم أبدلها زوجاً خيراً من زوجها "[1]، وما أشبه ذلك؛ فنقول الأصل العموم في هذه الأدلة، والنبي - عليه الصلاة، والسلام - في حديث أبي مالك علم هذا الدعاء، ونقله عنه، ومعلوم أن الجنازة قد تكون جنازة رجل، قد تكون جنازة امرأة، قد تكون جنازة صغير، قد تكون جنازة كبير، وقد تكون جنازة طفل، ولم يخص - عليه الصلاة، والسلام - جنازة دون جنازة بالدعاء، ولم يقل هذا خاص بالمكلف دون غير المكلف، بل في حديث أبي هريرة : " اللهمَّ اغفرْ لحَيِّنا، وميِّتِنا، وشاهدِنا، وغائِبنا، وصغيرِنا، وكبيرِنا، وذكرِنا، وأنثانا "[2] ، نص على الصغير ، حتى لجأوا إلى أن معنى صغيرنا الذي لو فرض أنه لو عاش، وأذنب، أو ذكر معنى التأويل ينبو عنها ظاهر الخبر، ومن يخصص النصوص في مثل هذه المعاني، فنقول، ولله الحمد الحديث عام، والنبي - عليه الصلاة، والسلام - دعا به فلا مانع أن يدعى به كما تقدم.، واستدلوا أيضاً بحديث رواه المغيرة بن شعبة، عند أحمد، والترمذي، والنسائي، وهذا حديث صحيح قال - عليه الصلاة، والسلام - : "، والسِّقْط يصلَّى عليهِ، ويُدعَى لوالديهِ بالمغفرةِ، والرَّحمة "[3]، لما قال : " ويُدعَى لوالديهِ بالمغفرةِ، والرَّحمة " دل على أنه لا يدعى له، وهذا ليس فيه دليل، لكن النبي - عليه الصلاة، والسلام - قد نص على أن الطفل يزاد في الدعاء له بالدعاء لوالديه؛ لأن موت الطفل في الغالب مصيبة على أهل المتوفى لأنهم يرحمونه صغيرًا، وإن كان موت الكبير كذلك؛ لأن الطفل في الغالب تكون الرحمة له أشد، وتتعلق به النفوس أكثر، ولهذا يواسى أهله فيدعى لوالديه بالمغفرة حيث إنهما في هذا الوقت الذي كانوا يرجون حياته، وبقاءه حتى يستفيدون منه بعد أن حصل منهم أن سعوا في تربيته، ومصالحه فكانوا يرجون أن يبقى فينفع. لكن اختارته منيته في ذلك فيدعى لوالديه بالمغفرة؛ لأنهم لم يحصل تلك الفائدة التي كانوا يرجونها فيدعى لهم بما هو أتم وأكمل، وهو أن يغفر الله لهما، وهذا لا ينافي أن يدعى له كما تقدم من عموم الدليل، ثم أيضاً صح عن أبي هريرة -رضي الله عنه - عند مالك، ورواه عبد الرزاق، وابن أبي شيبة إِنَّه كَانَ يُصَلِّي عَلَى طِفْل فَسمع فِي دُعَائِهِ يَقُول «اللَّهُمَّ قه عَذَاب الْقَبْر، وعَذَاب النَّار»[4] ثم نقول أيضاً : حينما يدعى للطفل لا يلزم أن يكون أذنب ، النبي - عليه الصلاة، والسلام - كان يستغفر ، ليغفر الله له ، وقد غفر الله لما تقدم من ذنبه، وما تأخر ، وهو - عليه الصلاة، والسلام - أفضل الناس على الإطلاق، وفي الجنة قطعاً - عليه الصلاة، والسلام ، ومع ذلك كان يستغفر - عليه الصلاة، والسلام - .، وكذلك الدعاء مثلاً له بأن يقيه الله عذاب القبر لا يستلزم من ذنب ،ثم أيضاً العذاب لا يستلزم أن يكون عقوبة ، عذاب القبر قد يكون غم القبر، وضمة القبر، وهموم القبر فهذه نوع من العذاب ، كما أن السفر قطعة من العذاب ، لا يلزم أن يكون العذاب على عقوبة، ولهذا قال - عليه الصلاة والسلام - : " السفرُ قِطعةٌ من العذابِ ، يمنعُ أحدَكم نومَه، وطعامَه ، فإذا قضَى نُهْمتَه من وجههِ فليعجلْ إلى أهلِه " [5]، فهذا أيضاً دعاء له بأن يقيه الله - سبحانه، وتعالى - هذه الهموم، والغموم التي تحصل للميت في القبر مهما كانت منزلته، ولهذا قال - عليه الصلاة، والسلام - : " إنَّ للقبرِ ضغطةً لو كان أحدٌ ناجيًا منها نجا سعدُ بنُ معاذٍ" [6]وقد رواه النسائي، وغيره بإسناد صحيح ، نعم .