يقول السائل : كيف نجمع بين أمر النبي بإخراج المشركين من جزيرة العرب وبين وجود أبى لؤلؤة المجوسي فيها ؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ;
وجد آخرون غير أبي لؤلؤة المجوسي، فبقاء الواحد والاثنين وبقاء من يحتاج له من الخدمة هذا لا بأس به، وكذلك ربما يكون عند الإنسان من يخدمه منهم من تحت ولايته وخدمته، لذلك لو كان له مملوك منهم من يكون سيدً له، هذا كان لأبي لؤلؤة كان المغير ابن شعبة t، كان غلام عنده، مملوك له خادم يخدم عنده وكان قد كاتب سيده المغيرة أو غيره، فهذا نص العلماء على أنه لا بأس، وجاء في الوحي من حديث جابر(1): إلا خدم يعني هذا قوم من أهل الكتاب ونحوه فهذا لا بأس به للحاجة ولأنه يحصل الضرر لو أُمر بإخراجهم فقد يحتاج إلى واحد منهم، أما ما جاء في النهي هذا هو الأصل، قال عليه الصلاة والسلام كما في حديث عمر في صحيح مسلم، " لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب فلا أترُك فيها إلاَّ مُسلِماً"(2).
وفي حديث ابن عباس عند البخاري أنه عليه الصلاة والسلام أوصاهم "يخرجون اليهود والنصارى من جزيرة العرب".(3) هذا هو الأصل والقاعدة في هذا الباب أنهم لا يقرون هذا هو الأصل لكن من كان منهم يحتاج إليه في خدمة ونحوها هذا لا بأس به.
ثم أيضا قال عمر t لابن عباس: كنت أريد أن أخرجهم(4) لكن أنت وأبوك يقصد عبد الله بن عباس يريدان بقاءهم لذلك الشيء الذي يكون موضع حاجة هذا لا يخشى فرضه لأن ولايته لسيده وقيامه عليه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) روى الجصاص في أحكامه: حدثنا عبد الله بن محمد بن إسحاق المروزي قال: حدثنا الحسن بن أبي الربيع الجرجاني قال: أخبرنا عبد الرزاق: أخبرنا ابن جريج: أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول في قوله تعالى: (إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام): إلا أن يكون عبدا أو واحدا من أهل الذمة. وصحح سنده في إعلاء السنن (7/584). وقال الألباني ردا على ذلك ـ رحمه الله ـ في الثمر المستطاب (2/780) "وأما حديث جابر الذي احتج به أبو حنيفة فلا يصح؛ لأنه من رواية شريك عن أشعث بن سوار عن الحسن عنه، وهو في المسند (3/339 و 392) من طريقين عن شريك، وله علتان..." فذكرهما ثم قال: "وقد جاء بإسناد قوي موقوفا على جابر وهو الصواب ..." ثم قال: "ثم قال أبو بكر الجصاص: (فوقفه أبو الزبير على جابر (يعني ورفعه الحسن) وجائز أن يكونا صحيحين فيكون جابر قد رفعه تارة وأفتى به أخرى (قلت ـ يعني الألباني ـ وهذا الجمع حسن، ولكنه إنما يصار إليه إذا كان من رفعه حجة في روايته وحفظه، وقد علمت أن في الرواية المرفوعة علتين بخلاف هذه الموقوفة فكانت هي الراجحة" اهـ
(2) أخرجه مسلم (1767).
(3) أخرجه البخاري (3053) ، ومسلم (1637) (20).
(4) أخرجه البخاري (3700).