هل كل ما يفعله الرسول صلى الله عليه وسلم سُنة أم أن هناك أمور اختصه بها الله عز وجل؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله ... وبعد ;
الأصل أن كل ما جاء عنه عليه الصلاة والسلام من قول وفعل فهو سُنة (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ)(1) فهذا هو الأصل، والنبي عليه الصلاة والسلام قال (صلوا كما رأيتموني أصلي) (2) ، وقال (خذوا عني مناسككم) (3)، إلى غير ذلك من الأدلة، (قُلْ إن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ) (4)، وقول النبي صلى الله عليه وسلم (من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى) (5) إلى غير ذلك، فالأدلة متواترة دالة على هذا المعنى في أنه قدوة وأسوة صلوات الله وسلامه عليه، هناك أمور اختص بها وهي المعلومة المنقولة، مثل ما اختص الله نبيه عليه الصلاة والسلام بقوله تعالى (خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ المُؤْمِنِينَ) (6) أن يتزوج المرأة بدون ولي، وكذلك أيضًا ما اختصه سبحانه وتعالى بنكاح زائد على أربع، وكذلك اختصه سبحانه وتعالى بالوصال ونهى أصحابه عنه الوصال
هنالك أمور وقع فيها خلاف، والمعتمد على هذا هو الدليل، وكذلك أيضًا على القول الصحيح أن من خصائصه عليه الصلاة والسلام جواز الخلوة بالأجنبيات وهذا هو الجواب الصحيح على الأدلة على ما ورد في الأخبار الصحيحة في مبيته على فراش أم حرام ونحو ذلك(7)، أما ما ذكره ابن عبد البر والدمياطي بعده وكذلك ابن حجر وجماعة من الشراح أن بينهم وبين محرمه وهذا لم يثبت، ولهذا اختاره ابن حجر رحمه الله في بعض المواضع وقال: والذي وضح لنا بالأدلة القوية أن من خصائصه عليه الصلاة والسلام جواز الخلوة بالأجنبيات(8)، وكل ما ورد من هذا المعنى فبدليله وإلا فالأصل أنه الأسوة والقدوة صلوات الله وسلامه عليه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) سورة الأحزاب: الآية 21 .
(2) أخرجه البخاري (631)، ومسلم (674).
(3) أخرجه مسلم "2/943"، كتاب الحج: باب استحباب رمي جمرة العقبة يوم النحر، الحديث "310/1297"
(4) سورة آل عمران، الآية 31 .
(5) أخرجه البخاري رقم (7280) .
(6) سورة الأحزاب: الآية 50 .
(7)عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ كَانَ يَدْخُلُ عَلَى أُمّ حَرَام بِنْت مِلْحَان فَتُطْعِمُه،ُ وَكَانَتْ أُمّ حَرَام تَحْتَ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِت،ِ فَدَخَلَ عَلَيْهَا يَوْمًا فَأَطْعَمَتْه،ُ ثُمَّ جَلَسَتْ تَفْلِي رَأْسَهُ، فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ ثُمَّ اسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَضْحَكُ، قَالَتْ: فَقُلْتُ: مَا يُضْحِكُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي عُرِضُوا عَلَيَّ غُزَاةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَرْكَبُونَ ثَبَجَ هَذَا الْبَحْرِ مُلُوكًا عَلَى الْأَسِرَّةِ أَوْ مِثْلَ الْمُلُوكِ عَلَى الْأَسِرَّةِ -يَشُكُّ أَيَّهُمَا- قَالَ:َ قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ
اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ فَدَعَا لَهَا، ثُمَّ وَضَعَ رَأْسَهُ فَنَامَ، ثُمَّ اسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَضْحَكُ قَالَتْ: فَقُلْتُ: مَا يُضْحِكُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي عُرِضُوا عَلَيَّ غُزَاةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَا قَالَ فِي الْأُولَى قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ؟ قَالَ: أَنْتِ مِنْ الْأَوَّلِينَ، فَرَكِبَتْ أُمّ حَرَام بِنْت مِلْحَان الْبَحْرَ فِي زَمَنِ مُعَاوِيَةَ فَصُرِعَتْ عَنْ دَابَّتِهَا حِينَ خَرَجَتْ مِنْ الْبَحْرِ فَهَلَكَتْ. أخرجه البخاري (2636)، ومسلم (1912).
(8) انظر فتح الباري (9/203).