يقول السائل : ما أصل كسوة الكعبة؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ;
أصل كسوة الكعبة ثابت في بعض الأخبار الصحيحة وهو من الأمر المجمع عليه ذكر عليه الإجماع الحافظ ابن حجر وغيره وأن العلماء أجمعوا على جواز كسوة الكعبة، وكانت تكسى في الجاهلية والنبي عليه الصلاة والسلام أقرها في الإسلام ولم ينكر ذلك، وكانت الكعبة لها أوقاف وأموال تصرف إليها، وبوب البخاري رحمه الله في صحيحه قال: باب كسوة الكعبة وذكر حديث قصة شيبة بن عثمان بن أبي طلحة العبدري" وأنه كان بجوار عمر على كرسي وقال لقد هممت ألا أدع فيها بيضاء ولا صفراء إلا أنفقته في سبيل الله قال قلت: لست بفاعل قال: لم قال: لأن صاحبيك لم يفعلا ذلك قال: هم المرئان أقتدي بهما"(1) يقصد النبي عليه الصلاة والسلام وأبا بكر، واستدل بهذا أن من أوقافها ما يصرف في مصالحها ومن مصالحها الكسوة وكانت تكسى في الجاهلية وكساها أيضًا تبع أسعد كلب وما يتنقل عنه أنه قال: شهدت على أحمد أنه رسول من الله باري النسب فلو مد عمري إلى عمره لكنت نصيرًا له وابن عم، وجاهدت بالسيف أعدائه وفرجت عن صدره كل غم، وكان قد أراد هدم الكعبة فحذره أحبار من اليهود وهذا قبل الإسلام، وقالوا: إنه مخرج نبي فعظم الكعبة وكساها وأيضًا نحر عندها ما نحر، فكساها رضي الله عنه وعظمها وطاف حولها ونحر عندها النحائر وأيضًا كذلك بعد هذا أيضًا لم تزل تعظم الكعبة. وفي البخاري خبر مرسل في فتح مكة عن عروة وفيه أن أبا سفيان رضي الله عنه قال: لما قال سعد بن عبادة هذا يوم الملحمة يوم تستحل فيه الحرمة قال النبي كذب سعد هذا يوم تعظم فيه الكعبة ويوم تكسى فيه الكعبة (2)، والبخاري لم يذكره في باب كسوة الكعبة وكأنه لأنه مرسل والله أعلم، وجاء عند الأزرق وغيره وكذلك رواه الفاكهي عن عمر وغيره أنه كان كسى الكعبة وكذلك أيضًا معاوية رضي الله عنه أيضًا كساها بالقباطي وصح عن ابن عمر أيضًا(3) أنه كان يرسل ما على الهدايا يضع على هداياه التي يهديها إلى الكعبة لباس نفيس من القباطي وغيرها فإذا أراد نحرها أرسلها إلى الكعبة لأجل أن تكون مع كسوتها فهذا أمر معروف عند أهل العلم وأهل العلم مجمعون عليه رحمة الله عليهم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ: جَلَسْتُ مَعَ شَيْبَةَ عَلَى الكُرْسِيِّ فِي الكَعْبَةِ، فَقَالَ: لَقَدْ جَلَسَ هَذَا المَجْلِسَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ: «لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ لاَ أَدَعَ فِيهَا صَفْرَاءَ وَلاَ بَيْضَاءَ إِلَّا قَسَمْتُهُ». قُلْتُ: إِنَّ صَاحِبَيْكَ لَمْ يَفْعَلاَ، قَالَ: «هُمَا المَرْءَانِ أَقْتَدِي بِهِمَا» أخرجه البخاري (1594).
(2) أخرجه البخاري (4280).
(3) روى الفاكهي في كتاب مكة من طريق عبد الصمد بن معقل عن وهب بن منبه أنه سمعه يقول : زعموا أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن سب أسعد ، وكان أول من كسا البيت الوصائل . ورواه الواقدي عن معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة مرفوعا ، أخرجه الحارث بن أبي أسامة في مسنده عنه ، ومن وجه آخر عن عمر موقوفا . وروى عبد الرزاق عن ابن جريج ، قال : بلغنا أن تبعا أول من كسا الكعبة الوصائل فسترت بها . قال : وزعم بعض علمائنا أن أول من كسا الكعبة إسماعيل عليه السلام. وحكى الزبير بن بكار عن بعض علمائهم أن عدنان أول من وضع أنصاب الحرم ، وأول من كسا الكعبة ، أو كسيت في زمنه، وحكى البلاذري أن أول من كساها الأنطاع عدنان بن أد . وروى الواقدي أيضا عن إبراهيم بن أبي ربيعة ، قال : كسي البيت في الجاهلية الأنطاع ، ثم كساه رسول الله صلى الله عليه وسلم الثياب اليمانية ، ثم كساه عمر وعثمان القباطي ، ثم كساه الحجاج الديباج . وروى الفاكهي بإسناد حسن عن سعيد بن المسيب ، قال : لما كان عام الفتح أتت امرأة تجمر الكعبة فاحترقت ثيابها ، وكانت كسوة المشركين ، فكساها .
وروى الفاكهي بإسناد صحيح عن ابن عمر أنه كان يكسو بدنه القباطي والحبرات يوم يقلدها ، فإذا كان يوم النحر نزعها ثم أرسل بها إلى شيبة بن عثمان فناطها على الكعبة . زاد في رواية صحيحة أيضا : فلما كست الأمراء الكعبة جللها القباطي ، ثم تصدق بها . وهذا يدلي على أن الأمر كان مطلقا للناس ويؤيده ما رواه عبد الرزاق عن معمر عن علقمة بن أبي علقمة عن أمه ، قالت : سألت عائشة أنكسو الكعبة ؟ قالت : الأمراء يكفونكم . وروى عبد الرزاق عن الأسلمي هو إبراهيم بن أبي يحيى عن هشام بن عروة أن أول من كساها الديباج عبد الله بن الزبير . وإبراهيم ضعيف . وتابعه محمد بن الحسن بن زبالة وهو ضعيف أيضا ، أخرجه الزبير عنه عن هشام. وروى الواقدي عن إسحاق بن عبد الله عن أبي جعفر الباقر ، قال : كساها يزيد بن معاوية الديباج . وإسحاق بن أبي فروة .