• تاريخ النشر : 05/01/2017
  • 224
مصدر الفتوى :
فتاوى المسجد الحرام - رمضان 1437
السؤال :

يقول السائل : من عمل سيئات كبائر ثم تاب وعاد، وبقيت حرقة المعصية فكيف أعرف أن الله غفر لي؟

الإجابة

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ; نقول الحمد لله، باب التوبة مفتوح، من تاب تاب الله عليه، كيف تعرف تعريف التوبة: يقول عليه الصلاة والسلام: «إن كنت أذنبتي شيء فاستغفري، فإن العبد إذا تاب تاب الله عليه»(1)، يقول –عليه الصلاة والسلام- في عائشة، قال: إن كنتي أذنبتي شيء فاستغفري، وهذا متفق عليه، ويقول عليه الصلاة والسلام كما عند ابن ماجه عن ابن مسعود بسند لا بأس به؛ «الندم توبة»(2)، وقال عليه الصلاة والسلام «التائب من الذنب كمن لا ذنب له»(3)، وقال –سبحانه وتعالى-:{قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ}[الأنفال: 38]؛ فإذا كان هذا للكافر فالمسلم من باب أولى، الذين انعقدوا الإسلام من باب أولى أنه يتاب عليه، لكن في حق الكافر مقطوع به، وكذلك أيضًا عند العلماء أوجبها في حق المسلم من جهة أن من تاب تاب الله عليه، هذا في تعريف التوبة الصادقة، الإقلاع والندم مع عدم التوبة؛ الإقلاع في الماضي، عدم العودة في المستقبل،والندم في الحال وإن كان هناك حقوق أو شيء من ذلك فإنك ترده إلى أصحابه بشرط ألا تكون عند الغرغرة فالمقصود أن هذا هو الذي يعلمك أو يوقفك على التوبة، وإياك أن تقول لا أدري لا أدري، لا تفتح باب الشيطان عليك، هذه من وساوس الشيطان ، تأتي من الشيطان حتى يقلق الإنسان وييئس الإنسان في باب التوبة، فالواجب هو حسن الظن بالله، وأنه يتوب عليك إذا تبت، وأنه يقبلك إذا دعوت، وأنه يستجيب دعاءك، يقبل صلاتك إذا صليت، صيامك إذا صمت، للحديث القدسي"أنا عند ظن عبدي بي"(1) وإياك أن يبلغ بك الأمر إلى الشدة التي تبعدك عن عمل الطاعات، وشدة الحكم، لاشك الندم مهم، لكن لا تبالغ مبالغة ربما يجعل الشيطان قريب فيشم قلبك من جهة الشدة، كما أن يشم القلب من جهة الترخص، فيشم قلبك من جهة الشدة، فالشيطان له من هنا ومن هنا، فيأتي للمتشدد من هذا باب، ويأتي للمتساهل من باب آخر؛ من باب المباحات والتوسع فيها حتى يقع في المكروهات، حتى يقع في المحرمات، حتى يقع في البدع، حتى يقع فيما هو أعظم من ذلك، ويأتي للمتشدد فيشدد عليه، فيقول لا، توبتك ناقصة، تحتاج إلى توبة، تحتاج إلى كذا، أنت عملت عمل عظيم وأنت وأنت، اقطع باب الشيطان، وأحسن الظن برب العالمين، وأبشر بالخير.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1)أخرجه البخاري (4141) ومسلم (2770). (2) أخرجه ابن ماجة (4252) وأحمد (3568)، والحميدي (105)، وابن أبي شيبة 9/ 361، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (1465)، والحاكم 4/ 243، والبيهقي 10/ 154 (3) أخرجه ابن ماجة (4250) والطبراني في " المعجم الكبير " (10281) وأبو نعيم في " حلية الأولياء " (4/210) والبيهقي في " السنن " (20561) من طريق أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( التَّائِبُ مِنْ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ ) ورجاله ثقات ، إلا أن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه ، فهو منقطع ، راجع "التهذيب" (5/65(  لكنه يتحسن بالشواهد ولذلك حسنه بعض العلماء ،وصححه بعضهم لغيره بالشواهد  قال الحافظ في الفتح (13/471) : سنده حسن.. وقال ابن مفلح في "الآداب الشرعية " (1/ 87): رجاله كلهم ثقات " . وحسنه السيوطي في " الجامع الصغير " (3386) ، وكذا الألباني في "صحيح الجامع" (3008).
(1) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي، فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ بِشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا، وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً" أخرجه البخاري (7405) ومسلم (2675).


التعليقات