يقول السائل: ما توجيهكم للشباب الذين ينسبون أنفسهم للسلفية ومع ذلك ينتقدون كثيراً على أئمة الدعوة النجدية بحجة أنهم يتشددون في بعض المسائل وأنهم آتوا بمنهج غلو وتطرف، وأنهم انحرفوا عن المذاهب الأربعة وصنعوا مذهباً خاصاً بهم فما توجيهكم أحسن الله إليكم؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله ... وبعد ;
هذه من جهة من يذكرها ويشيعها قد تكون شبهة انطلت عليه، أما من ينشرها ويدفعها فهي فرية وراءها من وراءها ممن أراد أن يحارب التوحيد وأهل التوحيد. وهذا المذكور أو هذا الشيء وهو اتهام أئمة الدعوة ليس بجديد، هو قديم منذ أن خرجت هذه الدعوة، وأهل البدعة والضلالة والقبوريون وأمثالهم ممن يحارب هذا الدين أرادوا ذلك وهم لا يستطيعون، وهؤلاء لا يستطيعون أن يكذبوا مثلاً بالنصوص، لكن أرادوا أن يشوهوا الأئمة الذين يدعون إلى التوحيد.
وهذه طريقة كل مبطل حينما يريد أن يحارب طريقاً صحيحاً قام به أناس من أهل العلم فإنه يشوه، يتكلم فيهم ويذمهم ويسبهم، ويقول كذا وكذا-، وقصده بذلك ذم طريقتهم وهديهم الذي هم عليه.
وهذه الدعوة المباركة التي ظهرت في هذه البلاد ظهر نورها وضوؤها رغم أنف الحاقدين والحاسدين الذين يحاربونها، وظهر نورها في عموم العالم الإسلامي ولله الحمد، وظهر التوحيد. وكانت هذه البلاد كما لا يخفى قبل نور الدعوة على طريقة من الضلال والبدع والانحرافات ومن أشد ومن أعظم أسباب وجود هذه الضلالات والانحرافات هم الرافضة الذين كان لهم في ذلك الوقت نشاط في عبادة القبور والغلو في القبور ودعاء المقبورين، وما أشبه ذلك من ضلالهم المعروف؛ ولهذا لا يزالون يحاربون هذه الدعوة إلى يومنا هذا.
ثم في هذه الأيام وجد كثير منهم متنفساً له من دعاة الضلالة عبر كثير من وسائل الإعلام والفضائيات وعبر فضاء الإنترنت؛ فلذا عمدوا إلى هؤلاء الأئمة- رحمة الله عليهم- فشوهوا طريقتهم، وشوهوا سيرتهم، وإلا فإنه لا يخفى على كل إنسان منصف حتى وإن كان مخالفاً لهم أنهم لم يخالفوا إجماعاً ولا نصاً صريحاً- يعني أقصد عموم الأئمة- وإلا، فالواحد ربما يخفى عليه نص، لكن عموم أئمة الدعوة- رحمة الله عليهم- لم يقع هذا منهم؛ لأن هذا يقع في المسائل الكلية الكبيرة، مسائل التوحيد.
ومن أراد أن يعرف ذلك فلينظر إلى كلامهم وليتتبع مقالاتهم، وليتتبع تصانيفهم وردودهم والرسائل التي ألفوها،كلها مبنية على قال الله، قال رسوله- عليه الصلاة والسلام- وإجماع الأُمَّة. وهذا الذي قالوه قاله من قبلهم من الأئمة من الأحناف والمالكية والشافعية والحنابلة قبلهم وكل أئمة السلف- رحمة الله عليهم- كلهم على مثل هذا القول ويخرج من مشكاة واحدة، لكن ربما يأتي مُبطل فيأخذ عبارة يستلها من بين كلمات يقطعها عما قبلها ويفصلها عما بعدها فيحرفها إلى باطله وضلاله، ولا يأتيها بسياقها والكلام الذي سيقت فيها.
وإلا فالإمام محمد بن عبد الوهاب- رحمه الله- وأولاده وطلابه وأئمة الدعوة- رحمة الله عليهم- طريقتهم طريقة الأنبياء والمرسلين- عليهم الصلاة والسلام- في الدعوة إلى التوحيد الخالص إلى الكتاب والسُنَّة وما عليه سلف الأُمَّة- رحمة الله عليهم- وهذا كله محل إجماع في باب التوحيد والعقيدة والأسماء والصفات.
لكن هؤلاء الذين يلبِّسون ويشبِّهون يريدون أن ينفروا الناس؛ ولذا ينبذونها بالوهابية أو الدين الخامس أو المذهب الخامس من هذه العبارات المبطلة وإلا هو لم يأتِ بشيء جديد، إنما أراد أن يحيا هذا الدين وهذه السُنَن المندثرة، والحمد لله حصل خير كثير وانتشر العلم والهدى والخير والصلاح.
فأوصي إخواني الذين انطلت عليهم هذه الشُبهة أن يرجعوا إلى كلام أهل العلم وأئمة الدين فإنَّ كلامهم تجده منقولاً، الأئمة الكبار المتقدمين في جميع المذاهب دع عنك من انحرف وضل عن طريقة وهدي السلف الصالح- رحمة الله عليهم ورضي الله عنهم-، فنسأل الله أن يهدينا وعموم إخواننا المسلمين إلى طريق الهدى والحق والصواب بمنه وكرمه آمين.