لو كنت في مجلس واغتاب رجل آخر ولم أنكر عليه فهل آثم بذلك ؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله ... وبعد ;
نقول لا يجوز للإنسان أن يشهد مجالس الزور والخنا ، قال سبحانه وتعالى: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آَيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِه }[1]، لا يجوز للإنسان أن يبقى في مجالس التي يكون فيها المنكر والمحرم إلا على جهة البيان والدعوة، يغشاهم ليبين لهم، يغشاهم لينكر المنكر ويبين الحق هذا لا بأس به بل هو أمر مشروع، أما أن يضاحكهم ويؤنسهم ويجعل عرض إخوانه فاكهة شهية وطعاماً شهياً يتفكهوا به ويتلذذوا به هذا لا شك حرام ولا يجوز ؛ فعلى هذا لا يجوز كما قال سبحانه وتعالى : {أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ }[2]، يعني شبه من يُغتاب في حال عدم حضوره شبهه بالميت؛ لأن الميت لا يستطيع أن يدفع عن نفسه، كذلك هذا الغائب يجب عليك أن تدفع عن أخيك، بل يجب عليك أن تبين هذا المنكر؛ لأن في الحقيقة فيه الدفع عن أخيك وفيه دفع عن الحاضرين، أنك حينما تنكر هذا وتبينه فيكون سبباً لزواله وسبباً أيضاً لأن يتنبه الحاضرون. كم من إنسان تنبه من غفلته والمنكر الذي هو عليه بسبب الدعوة وبيان الحق وكان سبباً لهدايته؛ لأن هذا بيَّن الحق. فأقول إذا سمعت من يغتاب فالواجب عليك أن تبين بالطريقة الحسنة وبالحكمة والقول الحسن. والغيبة كما نعلم حرام وكثير من أهل العلم يرى أنها من الكبائر. وثبت في الحديث الذي رواه أحمد من حديث أسماء بنت يزيد بنت سكن الأنصارية، وأخرجه الترمذي من حديث أبي الدرداء وفي معناه أخبار أُخر أيضاً أنه - عليه الصلاة والسلام - قال : «مَن ذَبَّ عن عِرْضِ أخيه ردَّ اللهُ النارَ عن وجههِ يومَ القيامَةِ»[3]، فهذا يدل على أن من سكت عن رد هذا القول المنكر أنه ربما تلفحه النار؛ لأنه لم يرد عن عرض أخيه، ثم هو في الحقيقة من انتصار لأخيك المسلم لأن هذا ظلم له وربما يكون بعض من حضر لا يعلمون ذلك الرجل ويظنون أن هذا الكلام حق ، ولو كان حقاً فلا يجوز لكن قد يكون هو بهتان وكذب ويكون سبباً لأن يستسهلوا الغيبة في مجلس آخر فأنت تقطع الغيبة في هذا المجلس وفي غيره فهذا هو الواجب عليك، لكن بالطريقة الحسنة والأسلوب المناسب ، نعم.