مصدر الفتوى :
اللقاء (04)
السؤال :

ما تقول فيما يحدث في بلاد المسلمين وخصوصاً مصر ؟ وماذا تقول وتنصح عموم المسلمين في هذه الأيام التي كثرت فيها الفتن والشبه؟

الإجابة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ... وبعد , نسأل الله - سبحانه وتعالى - أن يدفع البلاء والفتن عن بلاد المسلمين والذي أنصح نفسي وإخواني هو الاجتماع والائتلاف واجتناب النزاع، قال - سبحانه وتعالى - :  ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ (102) وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (103))[1]، هذا هو المطلوب الاجتماع والائتلاف فنسأل الله - سبحانه وتعالى - أن يجمع كلمة المسلمين، وأن يكفيهم شر الأشرار وكيد الفجار في كل مكان. وأهل الخير وأهل العلم وأهل الفضل والدعوة إلى الله - سبحانه وتعالى - بل عموم المصلحين وعموم العقلاء لا يريدون إلا الخير لأمة الإسلام أبداً. بل العقلاء وإن لم يكونوا من أهل الإسلام فلا يريدون إلا الخير فكيف إذا كان هذا من أهل الإسلام؟ كيف إذا كان من أهل العلم الذين يريدون إصلاح الناس ودعوة الناس؟ هذا هو المقصود أن يعيش الناس في أمن وأمان، في توحيد الله، في عبادة الله - عز وجل -، في اجتماع في تآلف أن يرغد عيشهم، وأن يحل أمنهم، وأن تطيب حياتهم، وأن يتواصلوا وأن تحصل بينهم مودة، ولا شك أن ما يحصل في كثير من بلاد المسلمين من المصائب والبلايا كله من أجل الخلاف، قال - سبحانه وتعالى - : ( وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ )[2]، ( أَوَ لَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَة قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْد أَنْفُسكُمْ إِنَّ اللَّه عَلَى كُلّ شَيْء قَدِير)[3] وما نزلت مصيبة إلا بذنب وما رفعت إلا بتوبة[4]، ( وَاتَّقُوا فِتْنَة لَا تُصِيبَن الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّة وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّه شَدِيد الْعِقَاب )[5] لا تكون خاصة بل تعم، وقال - عليه الصلاة والسلام - :  «إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوُا الْمُنْكَرَ لا يُغَيِّرُونَهُ، أَوْشَكَ أَنْ يَعُمَّهُمُ اللَّهُ بِعِقَابِهِ» [6]. فالله - عز وجل - يغار على محارمه؛ ولهذا فإن كثير من المصائب والبلايا هي من غيرة الله - سبحانه وتعالى - على المحارم، كانت المحارم تنتهك بجميع أنواعها الذنوب وأعظمها الشرك بالله- عز وجل -، واستحلال ما حرم الله، والمجاهرة بما حرم الله، فإذا كان الشخص الواحد لو عصى وجاهر رفعت عنه العافية فكيف إذا كانت المجاهرة لعموم الناس؟ أو عموم المجتمع في بعض البلاد؟.  وهذا وإن كنا لا نعمم ولكن نقول  وصفًا يقع في بعض الأماكن، ويكون ظاهراً ولا ينكر بل يجد من يؤيده ويشجعه فالله يغار على محارمه إذا كان هذا من الواحد، فكيف إذا كان من الجماعة؟ فكيف إذا اجتمعوا على ذلك؟ كيف إذا وقعت الجرأة على أعظم أصل من أصولنا وهو التوحيد والشرك بالله - عز وجل - فلهذا لا يستغرب أن يقع بنا هذا. قال - عليه الصلاة والسلام - : (كلُّ أمَّتي مُعَافًى إلا المُجَاهِرون)[7] ، المجاهرة في المعاصي من الواحد ترفع العافية عنه فكيف إذا كان الوصف لجماعة أو قوم تمالئوا على مثل هذا؟ فنسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يرفع البلاء عن المسلمين وأن يردهم إليه رداً جميلاً بمنه وكرمه آمين.






[1]  -[آل عمران] [2]  -[الشورى/30] [3]  -[آل عمران/165] ([4] ) رَوَى الدينوري فِي المجالسة (رقم727) وابنُ عَسَاكِرٍ فِي تَارِيْخ دِمَشْقَ(26/358، 395)، مِنْ طَرِيْقِ الكَلْبِيِّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-: أَنَّ العباس لما استسقى به عمر قَالَ: "اللهم إنه لم ينزل بلاء إلا بذنب، ولم يكشف إلا بتوبة..".  فتح الباري 2: 497 شرح حديث (1010). واحتج به العلامة الكشميري فيض الباري 2/379 وقد جاء نحوه في قوله "... وإن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه .. . الحديث  أخرجه أحمد (22440) وابن ماجه (4022)   وابن حبان (872) ، والحاكم (1814) ، والطبراني في الكبير (1442) ، والقضاعي في مسند الشهاب (1001(. [5]  -[الأنفال/25] [6] - أخرجه أبو داود (4338) والترمذي (2307) ، وابن ماجه (4005) ، والبزار (65) ، وأبو يعلى (132) ، وابن حبان (304). [7] - أخرجه البخاري (6069) , ومسلم (2990)..


التعليقات