يقول السائل : : هل لو سرق الإنسان شيء وهو صغير يحاسب عليه ؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ;
الصغير غير مكلف ، والصغيرة غير مكلفة ؛ والمراد بالصغير الذي لم يبلغ التكليف بعلامات أو دلالات البلوغ من تمام خمسة عشر عاماً أو الاحتلام أو نبات الشعر الخشن ، هذا في حق الجنسين الرجال والنساء ، أو الحيض والحمل في حق المرأة. ما دام دون هذا السن أو هي دون هذه السن أو لم تبلغ هذه العلامة أو واحدة من هذه العلامات فهو غير مكلف ، وهي غير مكلفة ، لكن تأديب الصغير والصغيرة على الآداب الشرعية . هذا هو الواجب . فلو سرق وهو صغير فإن كان هناك ذنب فهو على وليه الذي لم يؤدبه ولم يربه التربية الصحيحة ، فإذا كان وليه فرط في تربيته ، أو فرط في تربيتها فوقع في مثل هذه الأعمال الإثم على ولية . قال الله عز وجل (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ)([1]) وجاءت الأخبار في هذا الباب في تربية الأولاد ، وأمرهم بالصلاة فما كان من تفريط وتضييع ترتب عليه اعتداء على الناس ، وسرقة أموالهم ، ونحو ذلك فالإثم على وليه المسئول عنه ، وعليه أن يرد به وأن يؤدب أولاده ، فإن كان شيء وقع فلا شيء عليه من جهة الإثم ، وقلم التكليف مرفوع مما ثبت في الأخبار الصحيحة من حديث عائشة عند الخمسة أنه عليه الصلاة والسلام قال (رُفِعَ القلمُ عن ثلاثةٍ : وعن الصبيِّ حتى يحتَلِمَ)(2) وكذلك في حديث علي رواه الثلاثة بإسناد ، لا بأس به ، وجاء في البخاري معلقاً في إسناد هذا الخبر في قصة بين عمر وعلي رضي الله عنه ،(3) واتفق العلماء على هذا المعنى ، وهذا محل إجماع وأنه غير مخاطب خطاب التكليف ، إنما خطاب الوضع وما وجب بالأسباب والشروط ونحوها من خطابات الوضع . هذا يكون للمكلف وغير المكلف . فإذا كبر بعد ذلك ، وكان عليه حقوق من سرقة أموال أو نحو ذلك ، فجمهور العلماء على وجوب ردها إلى أصحابها . هذا تفصيل مذكور في هذا إذا موجوداً بأعيانها وكان يعرف أصحابها ، أو يعرف ورثتهم إن كان أصحابها ماتوا ، فالأصل وجوب الرد لأهلها على وجه لا يكون فيه يعني بياناً أو فيه فضيحة له أو نحو ذلك ، بل على وجه يكون فيه ستر له ، ولا يلزمه أن يخبرهم بأن يقول أنا فعلت كذا، لا، بل يستر نفسه ويكتفي بإيصال الأموال لأهلها نعم . هذا إن تيسر ، وإن يأس منهم ومن من يرثهم إن كانوا أمواتاً ، ولم يتوصل إليهم . في هذه الحالة يتصدق بهذا المال من نيته عنهم مع أن حقهم باق . فلو فرض أنه عثر عليهم بعد ذلك . فيخيرهم بين أنواع الصدقة أو بين ضمان هذا المال .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1]- سورة التحريم : الأية 6 .
(2) أخرجه أبو داود (4398) والنسائي (3432) وابن ماجة (2042) والدارمي (2296).
(3)عن ابن عباس قال : مر علي بن أبي طالب بمجنونة بني فلان قد زنت أمر عمر برجمها فردها علي و قال لعمر : يا أمير المؤمنين أترجم هذه ؟ قال : نعم قال : أما تذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : رفع القلم عن ثلاثة عن المجنون المغلوب على عقله و عن النائم حتى يستيقظ و عن الصبي حتى يحتلم قال : صدقت فخلى عنها.
أخرجه ابن خزيمة (3048)، قال الألباني : حديث صحيح رجاله ثقات، وعلقهُ الإمام البخاري في الصحيح بالجزمِ كما في الفتح للحافظ ابن حجر (9/300) ،