امرأة نذرت إن شفاها الله سبحانه وتعالى أن تتبرع بشيءٍ من المال لمعهد مما يقوم على علاج هذا المرض, ثم رأت أن تتبرع لفتاةٍ محتاجة أو في حاجة شديدة للمال من أجل الزواج فهل يجوز لها أن تصرف هذا التبرع أو هذا النذر إلى تلك الفتاة المحتاجة من أجل زواجها أم تقسم المال بينهما؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله ... وبعد ;
من نذر نذرًا معينًا وعين جهةً فجمهور العلماء يقولون يجب عليه الإيفاء بما نذر وإلى الجهة التي عينها؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: (من نذر أن يطيع الله فليطعه),(1) ولا ننصرف عن هذا الأصل إلا بشيءً بين؛ لأن المقصود من النذر هو التقرب إلى الله سبحانه وتعالى والمقصود هو المصلحة بأن يكسب الناذر مصلحة, وإن كان في الأصل أن النذر منهي عنه؛ لكن المقصود منه طلب الأجر والثواب بنذر هذا المال إلى جهة أو شخص أو غير ذلك, وذهب بعض أهل العلم إلى جواز صرف النذر من جهةٍ إلى جهة خاصةً إذا كانت من جنسها, مثل لو نذر مثلًا مالًا لجهة معينة لأنهم يطعمون الفقراء أو لفقير معين ثم رأى من هو أشد حاجةً منه فإنه يصرف نيته على الصحيح, وهذا والله أعلم يشبه الزكاة فإن المزكي يخرج زكاته في بلده وهذا هو الأصل ويخرجها للأصناف الورادة في الزكاة، والغالب من أصناف الزكاة هم الفقراء والمساكين ولذا لو كان هنالك حاجة شديدة للفقراء في بلدٍ آخر فإنها تنقل لشدة الحاجة لأن المقصود هو سد الخلة فإذا كان هذا في الزكاة التي دلت النصوص وأجمع عليها المسلمون وهي ركن من أركان الإسلام فالنذر الذي في الأصل منهي عنه صرفه إلى جهةٍ انفع أولى ليخفف وطئة النذر من جهة أنه منهي عنه, فيستكثر من الحسنات التي هي أبلغ في هذه الجهة من جهةٍ تكون أخف, ويدل له أيضًا ما رواه أبو داود من حديث جابر رضي الله عنه في ذلك الذي نذر إن فتح الله عليه مكة أن يصلي في بيت المقدس وفيه أنه عليه الصلاة والسلام قال: (صل ها هنا)(2) وقال له: لما رأى ذاك الرجل أصر على أو أحب في بيت المقدس قال: لو صليت هنا أجزأك عن كل صلاةٍ تصليها هناك أو كما قال عليه الصلاة والسلام, يعني إذا كانت هذه الفتاة مضطرة اضطرارًا يحصل به عليها ضرر من جهة ضرورته للزواج يمكن يقال أن النذر لهذا المعهد ينظر فإن كان هذا النذر لهذا المعهد وعندهم حالات حاضرة لبعض المرضى ممن يحتاجون إلى علاج والمعهد هذا مبني على التبرعات ولو أنه ضعف التبرع عليه قد يتضرر بعض المرضى فهذه الحالة ضرورة فلا يصرف عن هذه الجهة لشدة الحالة وضرورتها لأن لا شك لا مقارنةً بين مرض السرطان ونحوه من الأمراض الشديدة المذكورة والمشار إليها في هذا السؤال أو مسألة الزواج؛ لأن الزواج وإن كان أمره مشروع مطلوب للرجل والمرأة إنما في هذه الحالة حالة ضرورة إذا كان على هذه الحالة فلا يصرف عنها ولا يقسم؛ لكن لو كان المعهد أو هذه الجهة مستغنية في هذا الوقت ويكون هذا التبرع من باب الزيادة في العلاج أو تناول بعض الأدوية المكملة التي ليست ضرورة في هذه الحالة لا بأس في صرف النذر إلى الجهة الأخرى إنما إذا كان الحال ضرورة فكما تقدم, لأن الأصل هو صرف النذر إلى الجهة التي نذرها الإنسان فلا ننتقل عن هذا إلا بشيءٍ بين كما تقدم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أخرجه البخاري رقم (6696) عن عائشة رضي الله عنها.
(2) أخرجه أبو داود(3305) أحمد (14919)، وابن أبي شيبة في "المُصنَّف" 4/ 42 وعبد بن حميد (1009)، والدارمي (2339)، وابن الجارود (945)، وأبو يعلى (2116).