يقول السائل : ما حكم القتال دفاعا عن النفس والأرض والعرض وإن كان المتعدي مسلماً؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ;
قال سبحانه وتعالى: }أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ{ (1)، يعني أنه يدفع، والنبي عليه الصلاة والسلام في حديث ثابت في الصحيحين من حديث ابن عمرو، وعند الأربعة بإسناد جيد قال:"مَنْ قُتِلَ دون دِينِهِ؛ فهو شهيدٌ، ومن قُتِلَ دون دَمِهِ؛ فهو شهيدٌ،ومن قُتِلَ دون مالِهِ؛فهو شهيدٌ،ومن قُتِلَ دون أهْلِهِ؛ فهو شهيدٌ"(2) فيشرع الدفع عن العرض وعن الأهل، لكن الخلاف في الوجوب، البعض فرق بين العرض والمال، وقال يجب دون العرض، والمال ينظر، والصواب أن الدفاع مشروع إلا حال الفتنة لا يدفع، يسلم، ولكن الدفاع عن العرض واجب بقدر المستطاع، أما حال الفتنة فيقول النبي عليه الصلاة والسلام في الفِتنِ: "كنْ عبدَ اللهِ المقتولَ ولاتكنْ عبدَ اللهِ القاتلَ" (3).
ولهذا محمد بن مسلمة لما وقع القتال بين معاوية وعلي رضي الله عنهما اعتزل محمد بن مسلمة وعبد الله بن عمر، وجماعة من الصحابة، وقالوا نعتزل حتى ينجلي الغبار فيظهر ونبصر، لأن الآن مثل ما تكون في مكان قد امتلأ بما يمنع الرؤية فإذا انجلى وظهر في هذه الحال يتبينوا، ولهذا قال علي رضي الله عنه أنه ندم على قتاله وقال: إن مقاماً قامه عبد الله بن عمر لمقام عظيم، إن كان أجراً إن أجره عظيم وإن كان وزراً فإن وزره قليل، يعني أن من قاتل خاطر، ولذا لم يقاتلوا، وقال بعضهم لما دعي للقتال:"ائتوني بسيف إذا سللته على مسلم أبى وإذا سللته على كافر عمل". وقيل لبعضهم لما دخل عليه وأمر بالخروج قال: هذا سيفي، فسل فإذا هو سيف من خشب، قالوا لا حاجة لنا بك، قال هذا الذي أريد. هذا هو المشروع في حال الفتنة لكن الواجب الدفاع والدفع عن العرض والأهل والمال حينما يحصل فتنة فالأحكام مفصلة في كلام أهل العلم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) سورة الحج ، الآية ( 39 )
(2) أخرجه البخاري (2480)، ومسلم (142). من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنه.
وأخرجه أبو داود (4772) والترمذي في السنن ( (1421 والنسائي في الصغرى (4090). وابن ماجة في السنن ( (2580 من حديث سعيد بن زيد رضي الله عنه
(3) أخرجه أحمد في “مسنده” (21992)، وابن أبي شيبة في المصنف (38193) والحاكم (3/278).