يقول السائل : كيف نتعامل مع القاتل في الشريعة؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ;
القاتل جرمه عظيم، قال سبحانه:{وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} [النساء:93]، وقال عليه الصلاة ولسلام:" يأتي القاتل مقتول يوم القيامة، تخدش أوداجه دم"(1)، وجاء في الأخبار عن النبي عليه الصلاة والسلام كثيرًا في هذا الشأن، وقال عليه الصلاة والسلام:(لا يزالُ المؤمِنُ مُعنِقاً صالحاً ما لم يُصِب دماً حَرَاماً، فإذا أصابَ دماً حَرَاماً بَلَّح")(2) معنى بلح أي انقطع وجاء ابن عباس رجل قد قتل إنسان فقال هل لي من توبة، قال: استكثر من الماء البارد يعني أن مآلك مآل شديد ، قاله ابن عباس من باب التشديد لأنه ربما يأتيه إنسان في عيونه الشرر يطير منها الشرر ويشدد عليه ويأتيه الإنسان الذي اشتد عليه الأمر ويخشى عليه من القنوط فلا يأيسه ويقول لك توبة.لكن هذه جريمة عظيمة قال عليه الصلاة والسلام:(اجتنبوا السبع الموبقات الشرك بالله والسحر وقتل النفس)(3) قتل النفس من الموبقات العظيمة ومن وقع فيها فهو في خطر عظيم لكن ذوي المقتول من أولاده وأهله الأمر بيدهم هم ينظرون في الأمر والحالة ينظر فيها، حالة يعفون عنه عفوًا تامًا هل يعفون مثلاً من دية، هل يقتصون هم بالخيار، من قتل له قتيل فهو بين خيارين إما أن يقتص وإما أن يعفو، وفي اللفظ الآخر أنه ذكر الدية أيضًا ( من أصيب دمًا فأهله بين إحدى ثلاث) من رواية ابن عمرو عند أبي داود يعني "أما أن يقتص وإما أن يعفو وإما أن يأخذ الدية" (4) وفي حديث أبي هريرة" فأهله بين خيرتين إما أن يقتص وإما أن يعفو"(5) الأمر راجع إلى ولي المقتول وينظر ما هو الأصلح له، إذا كان هذا القاتل قاتل معتدي ظالم ويتعدى على دماء المسلمين وكان هذا في بلد يكثر فيه الفساد والشر وليس هناك من يقوم بالأمر كما يقع في بعض بلاد المسلمين اليوم هذه لها حالات لكن حينما تكون هناك ولاية ويكون إنسان يتعدى على النفوس هذا لا يدفع عنه، قاتل الغيلة رأى بعض أهل العلم أنه لا يجوز العفو عنه وهو قول مالك رحمه الله، الذي يقتل غيلة لو إنسان اغتال إنسان، الغيلة هي الخداع بخلاف ما يكون القتل المواجهة مثلاً هذا حال حينما يقتل إنسان يأتيه فيقتله أو يأمنه يدعوه مثلاً إلى مكان ويأمن هذا يقول اذهب معي إلى مكان كذا إلى داري فيقتله والعياذ بالله أو يذهب معه إلى البرية مثلاً كما يقع هذه غيلة وقتل الغيلة هذا اختار شيخ الإسلام وهو مذهب مالك رحمه الله أنه لا يجوز العفو فيه لأن فيه فساد وضرر بخلاف الذي يكون على عصبية ونحو ذلك، والقرار هذا إلى ولي الدم فيرى ما هو الأصلح في مثل هذا الأمر فيرى الأصلح العفو وأن القاتل ندم وتاب ورجع رأى ذلك منه فعفا عنه فهو يرجى أن يكون في قوله سبحانه وتعالى { وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا } [المائدة:32]. والنبي عليه الصلاة والسلام "لما جائه رجل قتل رجلاً، جاءه رجل ممسك برجل قاتل، ممسك بنسعته كما في حديث جابر بن سمرة أن رجل ممسك بنسعة رجل يعني خيط ممسك به فقال يا رسول الله: إن هذا قتل أخي فقال عليه الصلاة والسلام: دونك إياه"(6) يعني أنه قال له عليه الصلاة والسلام ما معناه أنه له أن يقتله ثم لما ولى قال عليه الصلاة والسلام: إن قتله فله ذلك يعني أنه اقتص وأخذ حقه في باب القصاص ليس أنه من جهة الاعتداء لكنه اقتص به ثم بعد ذلك أـطلق وقال كلامًا ما معناه أنه عفا عنه وأطلق، فإذا رأى ولي الدم العفو لكن يكون ذلك حينما يرى من القاتل التوبة والندم ففي هذه الحالة له ذلك وله أن يعفو في الدية له ذلك وإن كان على خلاف ذلك يستشير وينظر في هذا الأمر مع أهل العلم في بلده وما هو قريب منه،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)أخرجه الترمذي (3029) والنسائي (4005) وقال الترمذي: حديث حسن.
(2)أخرجه أبو داود (4270) والطبراني في المعجم الأوسط (9229) وفي المعجم الصغير (1108).
(3)أخرجه البخاري (2766)، ومسلم (89)، والنسائي (3671).
(4) لَمَّا فُتِحَتْ مَكَّةُ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: " مَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ: إِمَّا أَنْ يُودَى، أَوْ يُقَادَ "،
أخرجه أبو داود (4505).
(5) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ خُزَاعَةَ قَتَلُوا رَجُلًا مِنْ بَنِي لَيْثٍ - عَامَ فَتْحِ مَكَّةَ - بِقَتِيلٍ مِنْهُمْ قَتَلُوهُ، فَأُخْبِرَ بِذَلِكَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلم، فَرَكِبَ رَاحِلَتَهُ فَخَطَبَ، فَقَالَ: «إِنَّ اللَّهَ حَبَسَ عَنْ مَكَّةَ القَتْلَ، أَوِ الفِيلَ» - قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ كَذَا، قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ وَاجْعَلُوهُ عَلَى الشَّكِّ الفِيلَ أَوِ القَتْلَ وَغَيْرُهُ يَقُولُ الفِيلَ - وَسَلَّطَ عَلَيْهِمْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالمُؤْمِنِينَ، أَلاَ وَإِنَّهَا لَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي، وَلَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ بَعْدِي، أَلاَ وَإِنَّهَا حَلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، أَلاَ وَإِنَّهَا سَاعَتِي هَذِهِ حَرَامٌ، لاَ يُخْتَلَى شَوْكُهَا، وَلاَ يُعْضَدُ شَجَرُهَا، وَلاَ تُلْتَقَطُ سَاقِطَتُهَا إِلَّا لِمُنْشِدٍ، فَمَنْ قُتِلَ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ: إِمَّا أَنْ يُعْقَلَ، وَإِمَّا أَنْ يُقَادَ أَهْلُ القَتِيلِ ".أخرجه البخاري (112) و(6880)، ومسلم (448)(1355)،
(6) عن وائل بن حجر قَالَ: شَهِدْتُ رَجُلا وَجَاءَ بِرَجُلٍ يُقَادُ فِي نِسْعَةٍ قَدْ قَتَلَ رَجُلا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وَسَلَّم لِوَلِيِّ الْمَقْتُولِ: أَتَعْفُو؟ قَالَ: لا، قَالَ: أَتَأْخُذُ الدِّيَةِ؟ قَالَ:لا، قَالَ فَتَقْتُلُهُ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَاذْهَبْ قَالَ: فَذَهَبَ بِهِ فَلَمَّا كَانَ غَيْرُ بَعِيدٍ دَعَاهُ فَقَالَ: أَتَعْفُو؟ قَالَ: لا، قَالَ: أَتَأْخُذُ الدِّيَةِ؟ قَالَ: لا، قَالَ: تَقْتُلُهُ قَالَ: نَعَمْ وَذَهَبَ بِهِ حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ مِرَارًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وَسَلَّم: إِنْ قَتَلَهُ فَهُوَ مِثْلُهُ.أخرجه مسلم (4484).وأخرجه أبوداود(4499) بلفظ: عن وائلُ بنُ حُجرٍ، قال: كنتُ عندَ النبي - صلَّى الله عليه وسلم - إذ جِيء برجُلٍ قاتلٍ في عُنقه النِّسعةُ، قال: فَدَعَا وليَّ المقتولِ، فقال: "أتعفو؟ " قال: لا، قال: "أفتأخُذُ الدية؟ " قال: لا، قال: "أفتقتُلُ؟ " قال: نعم، قال: "اذهب به" فلما ولَّى قال: "أتعفو؟ " قال: لا، قال: "أفتأخذ الدية؟ " قال: لا، قال: "أفتقتلُ؟ "، قال: نعم، قال: "اذهب به"، فلما كانَ في الرابعة قال: "أما إنَّك إن عفوتَ عنه فإنَّه يبُوءُ بإثمه واثمِ صَاحِبِه"، قال: فَعَفا عنه، قال: فأنا رأيتُه يجرُّ النِّسعةَ. ولم أقف عليه من حديث جابر بن سمرة.