أريد القراءة في علم السلوك والتزكية فبماذا تنصحوني أثابك الله؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله ... وبعد ;
لا شك أن تزكية النفس وتطهيرها وحسن السلوك مع الحق ومع الخلق هو من أعظم الغايات في خلق العباد ولأنه من العبادة؛ ولذا صنف العلماء في هذا وبينوا منازل العباد في هذا الباب، وللعلامة ابن القيم رحمه الله كتاب معروف وهو (مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين) واعتنى بهذا المقام عناية عظيمة، والذي أوصي به نفسي وأخي وعموم إخواني المسلمين هو أن يعتني العبد بما يزكي نفسه بقصد العمل، قال تعالى:{قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا}(1) {وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا}(2)
فالمقصود من القراءة في هذا الباب هو تزكية النفس، وهذا هو المقصود من العلم أن يزكي نفسه بالعمل الصالح، والسلوك معناه: أن يؤدي العبد ما عليه من الحقوق لله عزوجل ثم للخلق كذلك وأن يعرف حقوقه الواجبة على الخلق فلا يطلب زيادة عليها، ويعلم الفضائل والأعمال التي يزداد بها رفعة؛ ولهذا العلم الحقيقي هو العلم الذي يدعو إلى العمل، وأعظم العمل وأجله هو العلم بالله عز وجل لأنه هو الذي يزكي العمل وهو الذي يزكي العلم، وقال سبحانه:{وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ}(3) ومن أعظم التقوى تزكية النفس، فإذا اتقى العبد ربه سبحانه وتعالى فإنه يفتح له من كنوز العلم والعمل بما يجد به من الأنس واللذة، فالذي أوصي به أخي هو أن يجتهد في قراءة كلام أهل العلم المعروفين، بالطريقة المستقيمة وهي ولله الحمد كتب متيسرة مع الاجتهاد والعناية بتلاوة كلام الله سبحانه وتعالى فهو أعظم تزكية للنفس أن يقرأ الإنسان كتابه سبحانه وتعالى، ويتدبر كتابه {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ}(4) فهو من أعظم أسباب التزكية حينما تقرأ وتتدبر وتتأمل كتابه سبحانه وتعالى وتقرأ كلام أهل العلم وتعمل بمقتضى ذلك فإن هذا يشرح الصدر، ويشرح النفس ويطيبها ويحسن خلقه، فيجد في نفسه من الراحة ومحبة الخير وتزكية النفس فلذلك على العبد أن يجتهد بإخلاص النية وأن تكون نيته هو تعلم العلم للعمل به وتعليمه مع سؤال الله سبحانه وتعالى التوفيق للإخلاص والهدى والسداد والصواب.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) سورة الشمس، الآية: 9
(2) سورة الشمس، الآية: 10
(3) سورة البقرة، الآية: 282.
(4) سورة ص، الآية: 29