يقول السائل : ما هي الطريقة الناجحة التي يضبط بها طالب العلم مسائل الفقه؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ; أمثل طريقة؛ هو إدامة النظر في كلام أهل العلم، لما سُئل البخاري رحمه الله، عن أفضل طريقه للحفظ، قال إدامة النظر، فطالب العلم عليه أولاً، النظر في أصول الأدلة، وهذا يكون في كتب الإختلاف، أو ما سمي اليوم الفقه المقارن، فحينما تقرأ اليوم في الفقه المقارن، مثل كتاب الشرح الكبير، أو المغني، وهو أصله، أو المجموع شرح المهذب، أو غيرها من الكتب الأخرى، أو كتاب التمهيد لابن عبد البر، أو الكتب التي تعرض مسائل، وتعتني بالخلاف فيها، مثل الفتاوى، أو كتب الشروح، التي تعرض الخلاف، مثل كتب الأحكام مثل نيل الأوطار، أو سبل السلام ،أو فتح الباري، فـأنت حينما تقرأ في هذه الكتب، يذكرون الخلاف، فلان دليله كذا، وفلان دليله كذا، فإذا نظرت، هذا الخلاف مره أخرى في كتاب آخر أيضاً فإنه مما يعيد لك هذه الأدلة، وإستذكار هذه الأدلة، وأيضاً حينما تنظر في كتب أصول الاحكام، مثل بلوغ المرام، أو المحرر، أو ما هو أرفع، وأكثر كالمنتقى فحينما تتكرر عليك هذه الأدلة مع ذكر الخلاف، فإنه يعينك على ضبط الأدلة، ثم أيضاً النظر في كتب أصول الأحاديث، وهما الأصول الستة الصحيحان، وكتب السنن بهذا يحصل لطالب العلم جملة وافرة، وطرف صالح من الأدلة، ومعلومة الخلاف، وأيضاً يعتني بالكتب التي تعتني بالتحقيق، والمأخذ بالأدلة حتى يستطيع النظر، حينما ينظر يستطيع الترجيح في الغالب، وهذا عند المصنفين الذين يعتنون بالترجيح مثل الشرح الكبير، والمغني يستوفي الأدلة، ويذكر السبب في الترجيح، والمأخذ، والقاعدة في الكلام حينما تتأمل مثلاً كتاب المغني، أو الشرح الكبير، كلامه رحمه الله، تجده قواعد، وضوابط، وما يذكرها يقول قاعدة، لا أنت حينما تتأمل كلامه، يكون كلامه كالقواعد، كالضوابط والمآخذ التي تنبهك إلى الحديث للاستفادة، وجه الاستنباط من الحديث، ويكون إستنباطك من نفس الحديث، لأن هذه المآخذ قواعد مأخوذة من الأخبار، فمع إدامة النظر، والمراجعة تكون إن شاء الله، من أسباب ضبط المسائل، مع الاستعانة بالله سبحانه وتعالى عزّ وجلّ، وسؤاله التوفيق، ودعائه، ولهذا العلماء كانوا يوصون بذلك كثيراً، كان شيخ الإسلام رحمه الله يقول: إنه يستغفر الله الف مرة، وأكثر حتى تنفتح له المسألة، وهذا الأمر الذي نفتقده في الحقيقة، ولا نعتني به، ولا نلتفت إليه، وهو العناية باللجأ إليه سبحانه، وهذا من أعظم اللجأ، العلماء رحمة الله عليهم، كانوا يلجأون إليه سبحانه وتعالى، لجأ المضطر، الغريق، الذي يريد السلامة، حينما تعرض له مسألة من المسائل، يجري كالمضطر، يسأل، وبعد ما يبحث، وينظر فلا يظهر له شيء يلجأ إليه سبحانه ويضطر ،ويقول: ( اللهم رب جبرائيل، وميكائيل، وإسرافيل فاطر السماوات والأرض عالم الغيب، والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما أختلف فيه من الحق بإذنك ) أي مسائل خلافية أي مسألة إنك وحدك سبحانك، دون غيرك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم، يسأله، ويلجأ إليه هذا يقع، ولهذا يقول بعض العلماء في مسائل، أو بعض كتب التفسير، يعني يطالع شيخ الإسلام رحمه الله، أحياناً أكثر من مائة تفسير في الآية الواحدة، ويسأل بعد ذلك ربه سبحانه وتعالى، أن يبين له، ويظهر له الحق، ونسأل الله، أن يظهر الحق، وأن يرزقنا اتباعه، وأن يمن علينا بالعمل الصالح.