ما صحة هذا القول عند ذكر علي رضي الله عنه "كرم الله وجهه"؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله ... وبعد
هذا القول لا يصح, ولا يحسن أن يقال مثل هذا؛ بل ربما لا يجوز لأن هذه الكلمة فيه النفس الرافضي, وذلك أن الرافضة يقولون أن علي رضي الله عنه لم يسجد لصنم قط, ويقرر أئمتهم في كتبهم قاتلهم الله يقولون عن أبي بكر والعياذ بالله كلامًا لا يقوله إلا من كان وقع في أعظم الزندقة والكفر, يقولون إن أبا بكر يصلي خلف النبي عليه الصلاة والسلام وقد علق صنمًا في رقبته والعياذ بالله, يعني لا يستحيون وأنه يصلي خلف النبي عليه الصلاة والسلام ويسجد على هذا الصنم والعياذ بالله, هذا يعني عدم حياء بصرف النظر عن كونه العلم لأن هذا القول من أعظم المنكرات في حق الصديق رضي الله عنه في حق النبي عليه الصلاة والسلام والعياذ بالله, وفي حق عمر رضي الله عنه قالوا فيه ما قالوا, ثم يقولون حينما يذكرون هذا عن أبي بكر يقولون إن عليًا رضي الله عنه لم يسجد لصنمٍ قط ويقولون كرم الله وجهه, فإذا استحضرت مثل هذا القول عن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما وفي قولهم عن علي رضي الله عنه ومناقبه العظيمة الجليلة ولا شك وكلام أهل العلم وعلماء أهل السنة في ذلك معلومة؛ لكن هذا القول لا يقبل أبداً بل هم أعداء لعلي, أعداء للدين, أعداء للشريعة, فبيان ما هم عليه من الباطل بينه أهل العلم في هذا وكلامهم لا يقبله عقل ولا فطرة ولا ينخدع به حتى الكفار؛ بل الكفار الذين لا يعلمون الدين الإسلامي ولا يعرفونه ولا يعرفون مناقب الصحابة حينما يسمعون بمقالتهم فإنهم يستنكرونها ولا يقبلونها ولا يستسيغونها لما فيها من الوقاحة والخبث والعياذ بالله, فأهل العلم بينوا هذا وقالوا إن كثيرًا من الصحابة رضي الله عنهم ممن أسلم مع النبي عليه الصلاة والسلام لم يسجد لصنم, وكذلك أيضًا كثيرٌ من الصحابة ممن ولد بعد البعثة ولد على الإسلام لم يسجد لصنمٍ قط, مع أن هذا مهما وقع فإنه لا يضر بعد الإسلام
﴿قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ﴾([1]) لو وقع إنسان فيما أعظم ما يكون من الشرك فأسلم فإن الإسلام يجب ما قبله والصحابة رضي الله عنهم كثيرًا منهم في الجاهلية كانوا يعبدون الأصنام وهم أفضل الناس على الإطلاق, ومن بعدهم ولدوا على الإسلام ولا يصلون إلى درجاتهم, والتابعون مع ما لهم من الفضل والجلالة وما جاء في السنة من فضلهم رضي الله عنهم خصوصًا وعمومًا لبعضهم ممن اشتهر وظهر علمه وفضله دون الصحابة, ولم يسجد لصنمٍ قط بل ولد على الإسلام فهذا الكلام باطل, يلزم عليه تفضيل كل إنسان بعدهم ممن ولد على الإسلام والعياذ بالله, وفي قولهم هذا إبطال للقرآن, وإبطال للسنة أن من كان في حال الشرك قد سجد لصنمٍ أنه يعني يكون غمزًا ونقصًا له, هذا لا شك طعنًا في القرآن, وهم يطعنون ويكذبون للقرآن, لكن تنظر وجوه الفساد والبطلان كثيرة في كلام هؤلاء القوم, قد نبه أهل العلم كما تقدم على هذا والصحابة كلهم رضي الله عنهم قد كرمهم الله سبحانه وتعالى ورفعهم وأعلى منزلتهم, فتخصيص أحداً عليهم من بينهم فيه نظر، ولا شك أن علياً مكرم رضي الله عنه, لكن الشأن في تخصيص علي رضي الله عنه دون الشيخين وعثمان رضي الله عنهم هذا هو وجه الإنكار؛ لأن يتضمن تنقص منزلتهم رضي الله عنهم دونهم, خاصة أبي بكر وعمر رضي الله عنهم, فمثل هذا لا يقال؛ بل يقال رضي الله عنهم فهذا هو سنة الترضي عنهم.