يقول السائل :
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ;
أقول لك اقرأ فيه أنت بإخلاص وصدق فقد تكون قراءاتك أفضل وأقرب وقل قرأ فيه أحد المشايخ تنوي نفسك لا بأس وإن اقتنعت بذلك لا بأس، يا إخواني الدعاء والسؤال بحسب قرب العبد من ربه، ولا نصح إنسان مثل نفسه وكذلك نصيحته لأهله وأولاده ومن كان مريضًا فأولى من يقرأ على الإنسان نفسه هذا هو السنة، السنة أن ترقي نفسك بنفسك، ولا نصح لنفسه مثل نفسه، ولذلك تجد الناس تتهافت على القراء يبحث عنهم وينفق الأموال الطائلة وربما يذهب بأهله عند الرقاة من الرجال وغيرهم وربما يقع في بعض المحاذير وإلى غير ذلك، وتذهب ربما هذه السفرات وهذه الأموال ونفعها ضعيف لأنه علق قلبه بهذا القارئ ما علق قلبه بالله، هذه القراءة ضعيفة حتى ولو كان القارئ من أشد الناس إخلاصًا لكن لابد لأجل أن ينفع الدعاء وتنفع الرقية لابد أن يكون من قلب حاضر وقلب قانت ودعاءٍ على السنة فإذا دعوت أنت واجتهدت في الأدعية واخترت من الأدعية الجامعة وما تيسر منها أو مما فتح الله عليك مع إخلاصك وصدقك ونفست على نفسك لكان دعاءً من قلب صادق
ويرجى له أن ينفذ هذا الدعاء إلى جسمك ويكون من أعظم أسباب الشفاء والعلاج (ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة)(1) والنبي عليه الصلاة والسلام يقول: ( لا تسألوا الناس شيئًا) (2) حتى قال بعض أهل العلم لا ينبغي للإنسان أن يسأل غيره يقول: ادع الله لي يا فلان فمن أهل العلم من لا يرى مشروعية ذلك أن تقول: ادع الله لي يا فلان بل تدعو لنفسك وتدعو لغيرك، النبي ما قال: سل أخاك، قال: (دعوة المسلم لأخيه بظهر الغيب) (3) ما قال: سل أخاك أن يدعو لك، الحديث يا أخي ادع الله لي حديث ضعيف، حديث أنس عند الترمذي أن النبي عليه الصلاة والسلام قال لعمر لما ذهب للعمرة قال: لا تنسانا من دعائك،(4) حديث ضعيف إنما استثنى بعض أهل العلم إذا سأل أخاه أن يدعو له بنية أن ينتفع المسئول بالدعاء هذه جوزها بعض أهل العلم قالوا: لا بأس بها، هم لم يمنعوا ولم يحرموا أن تسأل ما قالوا حرام لكن الأولى أن تدعو لغيرك وأن يدعو لك غيرك بدون سؤال، فإن قلت له ادع لي يا فلان بنية أن ينتفع هو بالدعاء لأنه حينما يدعو لك ملك يقول آمين ولك بمثل، ولهذا قول النبي عليه الصلاة والسلام ( إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون أنا هذا العبد) (5) فهذا الحديث النبي عليه الصلاة والسلام قال سلوا لي الوسيلة هل لأجل أن ينتفع أو لأجل أن ننتفع نحن لأجل أن ننتفع نحن أما هو عليه الصلاة والسلام، فجميع ما نقل في صحيفته إنما قال لنا ذلك لأجل أن ننتفع، لأجل أن ننتفع بدعائنا له عليه الصلاة والسلام أن نسأل الله له الوسيلة. أنت أيضًا حينما تدعو لأخيك المسلم أو تسأل أخاك المسلم أن يدعو الله لك وتنوي بذلك أن يستفيد بمعنى أن يدعو الملك ويأمن ويقول آمين ولك بمثل فهذا نافع.فكذلك أقول لأخي السائل ولغيره المشروع لك وكذلك لوالدتك أن تقرأ على نفسها لكن لا بأس أن تقرأ عليها أنت خاصة إذا كانت لا تحسن الدعاء وإن كان الدعاء ولله الحمد أمره يسير يدعو المسلم ولا يتكلف والله عز وجل لا ينظر إلى صورنا ولا إلى الأجساد، ينظر إلى القلوب، كما في الحديث" إنما لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم"(6) فإذا دعا الإنسان بأي دعاء ومهما كان الدعاء مما فتح الله عليه من الأدعية الحسنة فإن ما يقوم بقلبه هو الذي له أثر وهو الذي يحصل به المقصود في دعائه ربه وسؤاله ربه سبحانه وتعالى، والذي أوصي نفسي وإخواني هو عدم التعلق بالقراء ممن تسألهم، وتعلق قلبك بالله عز وجل ، النبي عليه الصلاة والسلام كما في حديث جَابِرٍ، قَالَ: " نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الرُّقَى فَأَتَاهُ خَالِي، وَكَانَ يَرْقِي مِنَ الْعَقْرَبِ ، قَالَ: فَجَاءَ آلُ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّهُ قَدْ كَانَتْ عِنْدَنَا رُقْيَةٌ نَرْقِي بِهَا مِنَ الْعَقْرَبِ، وَإِنَّكَ نَهَيْتَ عَنِ الرُّقَى، قَالَ: فَعَرَضُوهَا عَلَيْهِ، فَقَالَ:" مَا أَرَى بَأْسًا، مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ فَلْيَنْفَعْهُ " (7)، وقال عليه الصلاة والسلام: (لا يسترقون ولا يكتتون) لا يطلبون الرقية، أما رواية:لا يرقون فهي وهم،(8) وعند مسلم قال:" ( ولا يسترقون ولا يكتوون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون) (9) لا يسترقون يعني هذا هو تمام المنزلة العليا في تعلقهم بالله عز وجل أنه يسأله حاجته كلها ومن ذلك باب الرقية كما تقدم فلهذا هذا هو الأكمل والأتم لكن لا بأس حينما يلح إنسان أن ترقي،ولهذا النبي عليه الصلاة والسلام كان يرقي نفسه ولما ضعف كانت عائشة رضي الله عنها كانت ترقيه وكانت تأخذ يديه وتنفخ فيها وتمسح بيديه عليه الصلاة والسلام(10)،كما لو إنسان اشتد به المرض وضعف عن القراءة هذا من الباب الذي ترقي فيه غيرك.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أخرجه عن عبد الله بن عمرو أحمد (6655)،وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 10/148، وقال: رواه أحمد، وإسناده حسن! وحسنه المنذري في "الترغيب والترهيب" 2/491-492! وله شاهد ضعيف من حديث أبي هريرة عند الترمذي (3479) ، والطبراني في "الدعاء" (62) ، والحاكم 1/493 ، وفي إسناده صالح المري، قال الحاكم: هذا حديث مستقيم الإسناد تفرد به صالح المري، وهو أحد زهاد البصرة، ولم يخرجاه، فتعقبه الذهبي بقوله: صالح متروك.
(2) أخرجه مسلم (1043) ، وأبو داود (1642) ، وابن ماجه (2867) ، والنسائي 1/229،
(3) أخرجه مسلم (2732) (86) ، وأبو داود (1534) ،
(4) أخرجه أبو داود (1498) والترمذي (3562) ، وابن ماجه (2894)، وقال الترمذي: حسن صحيح.
(5) أخرجه مسلم (384) وأبو داود(523) الترمذي (3943)، والنسائي في "الكبرى" (1654).
(6) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ ". أَخرجه مسلم (2564) (33) ،
(7) أخرجه مسلم (2199) (62)(63) ،
(8) أخرجه البخاري (5752) ومسلم (375)(220).
(9) "هُمُ الَّذِينَ لَا يَرْقُونَ، وَلَا يَسْتَرْقُونَ، وَلَا يَتَطَيَّرُونَ، وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ" أخرجه مسلم (374)(220).
(10) أخرجه البخاري (5017)، والترمذي (3699)، وقد ثبت من حديث عائشة أيضاً أن هذا الصنيع كان يفعله رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كذلك إذا أصابه مرض، فكان يقرأ المعوذات وينفث في يديه، أخرجه البخاري (4439)، ومسلم (2192)، وعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ، نَفَثَ فِي كَفَّيْهِ بِقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَبِالْمُعَوِّذَتَيْنِ جَمِيعًا، ثُمَّ يَمْسَحُ بِهِمَا وَجْهَهُ، وَمَا بَلَغَتْ يَدَاهُ مِنْ جَسَدِهِ» قَالَتْ عَائِشَةُ: «فَلَمَّا اشْتَكَى كَانَ يَأْمُرُنِي أَنْ أَفْعَلَ ذَلِكَ بِهِ» أخرجه البخاري (5748)،