يقول السائل : ما القول في أن الصحابة يتوسلون بجاه النبي صلى الله عليه وسلم، وليس بدعائه بدليل قولهم " بعم نبينا " ؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ;
الشبهات أعظم من أن يغتر بها أو تخفى على من دون الصحابة رضي الله عنهم، فالخبر واضح في صحيح البخاري(1)، نستسقي بعم الرسول صلى الله عليه وسلم، إذ قال عمر رضي الله عنه: هل قال اللهم أسقنا بالعباس، أو اللهم اسقنا بالعباس، بل قال: ادعو الله يا عباس؛ ماذا قال: ادعو الله يا عباس هذا يعني لابد أن يدعوا ولابد حضوره ووجوده ودعوته، فقال: ادعو الله يا عباس، فقالوا نستسقي بنبينا هل كانوا يستسقون بالنبي؟ يعني بذات النبي؟ أو كان النبي يدعو لهم؟ ذلك الرجل حينما يأس قال: يا رسول الله قحط المطر وأحمرت الشجر وجاع العيال وانقطع السبيل والطرق فادعوا الله يغثنا(2)، والرسول استسقوا بدعائه لا بذاته، فالاستسقاء أو والسؤال بالذات والسؤال بالجاه بدعة، والسؤال عند القبور بدعة أشد، وسؤال الموتى شرك في الألوهية، واعتقاد أنهم يتصرفون شرك أعظم وأكبر بالربوبية، فقال : ادعوا الله يا عباس، والنبي صلى الله عليه وسلم لما قال له الرجل فادعوا الله يغثنا استشفع بالنبي عليه الصلاة والسلام، وأمره يدعو، وفي قصة معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه لما أمر يزيد بن أسود القرشي أو الأسود بن يزيد القرشي وكان من العُباد العلماء، فأمره أن يدعو الله عز وجل وأن يستسقي له،(3) وهذا إجماع من السلف رحمهم الله، والقاعدة أن مثل هذه اللفظة لا إشكال فيها ولكن مع ذلك في نفس الحديث أنه أمره أن يدعو الله وأن يسأله.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) عن أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ إِذَا قَحَطُوا اسْتَسْقَى بِالْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنَّا كُنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَسْقِينَا وَإِنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِعَمِّ نَبِيِّنَا فَاسْقِنَا قَالَ فَيُسْقَوْنَ. أخرجه البخاري رقم (3434).
(2) عن أنس بن مالك أنه جاء رجل إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام فقال * يا رسول الله هلكت المواشي وتقطعت السبل فادع الله فدعا الله فمطرنا من الجمعة إلى الجمعة فجاء رجل إلى النبي - عليه الصلاة والسلام - فقال يا رسول الله تهدمت البيوت وتقطعت السبل وهلكت المواشي فقال رسول الله - عليه الصلاة والسلام - اللهم على ظهور الجبال والآكام وبطون الأودية ومنابت الشجر فانجابت عن المدينة انجياب الثوب. أخرجه البخاري رقم (973).
(3) أخرجه الحافظ ابن عساكر رحمه الله تعالى في (تاريخه) (18/151/1) بسند صحيح عن التابعي الجليل سليم ابن عامر الخبَائري: (أن السماء قحطت، فخرج معاوية بن أبي سفيان وأهل دمشق يستسقون، فلما قعد معاوية على المنبر، قال: أين يزيد بن الأسود الجُرَشي؟ فناداه الناس، فأقبل يتخطى الناس، فأمره معاوية فصعد على المنبر، فقعد عند رجليه، فقال معاوية: اللهم إنا نستشفع إليك اليوم بخيرنا وأفضلنا، اللهم إنا نستشفع إليك اليوم بيزيد بن الأسود الجرشي، يا يزيد ارفع يديك إلى الله، فرفع يديه، ورفع الناس أيديهم، فما كان أوشك أن ثارت سحابة في الغرب كأنها ترس، وهبت لها ريح، فسقتنا حتى كاد الناس أن لا يبلغوا منازلهم). أورده الحافظ الذهبي في تاريخ الإسلام(2/178) وقال الشيخ الألباني في كتابه التوسل(41) إسناده صحيح.