يقول السائل: ذكر بعضهم أن في أشراط الساعة إذا ذكرت في الوحي أن وقوعها في العرب وبلاد العرب خاصة لا في غيرهم، هل هذه قاعدة صحيحة؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله ... وبعد ;
الله أعلم، ما أدري عن هذه القاعدة، ولا أدري من ذكرها من أهل العلم، أشراط الساعة جاءت متعددة ومختلفة ولم يأتِ شيء مما يدل على مثل هذا.
وإذا قيل أشراط الساعة الواقعة في الدنيا في أي مكان وفي أي بلد، فكونها خاصة بالعرب هذا مما يحتاج إلى دليل، والنبي عليه الصلاة والسلام حدث أصحابه، أخبرهم بما هو كائن وما يكون إلى أن تقوم الساعة، ولم يذكر في خبر واحد أن هذه الكوائن والوقائع تكون في بلاد العرب خاصة، بل في بعض الأدلة تدل على خلاف ذلك.
فمنها ما ثبت في صحيح مسلم أنه قال عليه الصلاة والسلام: "لا تقوم الساعة حتى تروا عشر آيات"(1) وذكر منها خسف في المغرب وخسف بالمشرق وخسف بجزيرة العرب، ذكره وأطلق المغرب يعني في غرب الدنيا وفي شرق الدنيا خسف في جزيرة العرب.
كذلك أيضا ثبت في الحديث الصحيح عند البخاري(2) وغيره وله شواهد في المسند وغيره(3)، أنه عليه الصلاة والسلام قال: "لا تقوم الساعة حتى تكثر الزلازل" .
والزلازل تقع في سائر أرجاء الدين، في شرقها وغربها وجنوبها وشمالها ووسطها في بلاد العرب، وفي غير بلاد العرب، بل في مثل هذه الأيام تقع كثيرا في غير بلاد العرب وما أكثر الزلازل التي تقع في غير بلاد العرب.
وكذلك أيضا ربما يستدل بحديث الذي في صحيح مسلم"أن الدجال يتبعه سبعون ألفا من يهود أصبهان أو أصفهان في خراسان(4).
وجاء في رواية عند أحمد والترمذي أنها من خراسان (5)، وأيضا ربما يقال أن فتح القسطنطينية وليس بلاد العرب هي من هذا الباب.
فعند التأمل يتبين ما هو خلاف هذه القاعدة، وحتى بالاستقراء، لا يمكن أن يقال، فبالاستقراء في الأدلة لا تخصيص وأنا لا أعرف أحد من أهل العلم قال هذا، لكن يحتاج إلى كثير من النظر في كلام أهل العلم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أخرجه مسلم رقم (2901) .
(2) أخرجه البخاري (1036) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقْبَضَ الْعِلْمُ ، وَتَكْثُرَ الزَّلازِلُ ، وَيَتَقَارَبَ الزَّمَانُ ، وَتَظْهَرَ الْفِتَنُ ، وَيَكْثُرَ الْهَرْجُ وَهُوَ الْقَتْلُ الْقَتْلُ ، وحَتَّى يَكْثُرَ فِيكُمْ الْمَالُ فَيَفِيضَ).
(3) أخرجه أحمد (10560) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَتَقَارَبَ الزَّمَانُ ، فَتَكُونَ السَّنَةُ كَالشَّهْرِ ، وَيَكُونَ الشَّهْرُ كَالْجُمُعَةِ ، وَتَكُونَ الْجُمُعَةُ كَالْيَوْمِ ، وَيَكُونَ الْيَوْمُ كَالسَّاعَةِ ، وَتَكُونَ السَّاعَةُ كَاحْتِرَاقِ السَّعَفَةِ ) والسعفة هي الْخُوصَةُ .
قال ابن كثير : إسناده على شرط مسلم أهـ . وصححه الألباني في صحيح الجامع (7422).
(4) أخرجه مسلم في كتاب الفتن ( 5478) عن أنس رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "
( يتبع الدجال من يهود أصفهان سبعون ألفا ، عليهم الطيالسة ).
(5) أخرجه أحمد : (3/224) ، عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يخرج الدجال من يهودية أصبهان ، معه سبعون ألف من اليهود عليهم التيجان ) يهودية أصفهان: اسم محلة في أصفهان سكانها يهود.
وأخرجه أحمد : (1/4) بسند آخر عن أبي بكر الصديق قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الدجال يخرج من أرض بالمشرق يقال لها خراسان ، يتبعه أقوام كأن وجوهم المجان المطرقة " .
وأخرجه الترمذي : ( 2237 ) كما في رواية أحمد الأولى ، عن أبي بكر الصديق به.
ابن ماجة : (4072 ) كما في رواية أحمد الأولى ، عن أبي بكر الصديق به.
وفي مسند نعيم ابن حماد : ص 149 عن يزيد بن هارون ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن ابن المسيب ، عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال : ولم يسنده إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
وفي مسند نعيم ابن حماد: ص 150 عن أبي إسحاق الأفرع ، عن همام ، عن قتادة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، عن أبي بكر رضي الله عنه قال : يخرج الدجال من قبل المشرق من أرض يقال لها خراسان " .انتهى