• تاريخ النشر : 01/06/2016
  • 1006
مصدر الفتوى :
اللقاء المفتوح
السؤال :

هل في تكفير الجهمية أعيانًا خلاف عند السلف؟

الإجابة

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله ... وبعد ; من أهل العلم رحمة الله عليهم من حكى الإجماع على تكفير رؤوس الجهمية لأن كفرهم صريح مصادم للكتاب والسنة بل للفطر والعقول والإجماع أما مسألة تكفير الأعيان؛ فهذه المسألة تبنى على أصل، هو أن الشخص المعين إذا قامت عليه الحجة فوجدت الأسباب وانتفت الموانع فإنه يُحكم عليه بحكم أمثاله ممن خرج عن مقتضى الدلائل في الكتاب والسنة، بل صادمها بهذه الأقوال الباطلة، والمتقدمين من السلف رحمة الله عليهم كفروا أعيانهم وحكوا الإجماع على ذلك، وقد ذكر ابن القيم رحمه الله هذا في (النونية) قال: ولقد تقلد كفرهم خمسون  في عشر من العلماء في البلدان، والإمام اللكائي حكاه عنه بل قد حكاه عنه من قبله الطبراني، خمسمائة عالم ممن كفر أعيان الجهمية ومنهم من عمم في ذلك لأن ما وقعوا فيه أمر ظاهر لا يمكن أن يدعى فيه الجهل، فهو أمر ظاهر، أما حينما يخفى الأمر وتلتبس الأمور وتخفى السنة وتكثر البدع وتكثر الأهواء ويحصل التلبيس من علماء السوء الذين يلبسون على الناس ففي هذه الحالة ينبغي التوقف، وخاصة في بعض المسائل التي تلتبس على بعض عامة الناس فيكون متبعًا مقلدًا لمن يظنه من أهل العلم، وهذه مسألة بسطها أهل العلم وبينوها والكلام فيها يطول، وكان شيخ الإسلام رحمه الله يقول في بعض كلامه في الرد على البكري، وذكر نحوا من هذا في بعض كتبه يقول: أنتم معاشر الجهمية لا تكفرون عندي ويقول: وأنا لو اعتقدت ما تقولون لكفرت لأني أعلم أن ما تقولونه باطل منابذ للكتاب والسنة؛ هذا معنى ما ذكره رحمه الله، وهذا في زمانه يذكروه من جهة أن حصل بعض التلبيس وحصل بعض الخلط لمن لبس عليه في ذلك الوقت، وهذا الأمر يدور على علته إذ قد يقول القول كفرًا ظاهرًا، لكن قد يخفى في زمان أو في مكان أو في حال، قد يخفى لأسباب وهذا واقع، فلا يمكن أن يكفر الشخص بشيء وإن كان دلت النصوص على الكفر من جهة أنه يظن أن ما اعتقده هو الحق وأنه هو الصواب، فهذا إذا تبين له الدليل واتضح له الأمر فانقطعت حجته فيكون الخلاف بعد ذلك عناد ومكابرة، أما حينما يلتبس الأمر فإنه لا يستعجل في هذا وهكذا يجري في سائر أهل البدع؛ ولهذا أخرج كثير من أهل العلم الرافضة من الفرق الاثنتين والسبعين والثلاث والسبعين، كما جاء عن عبد الله المبارك ويوسف الأسباط أنهم قالوا: أصول الفرق: الشيعة والقدرية، والمرجئة، وكذلك ذكروا الشيعة، والخوارج، ولم يقولوا الروافض قالوا الشيعة، فينبغي الفرق حينما نقول الشيعة، ولهذا لم يذكروا الروافض، أما الروافض فإن المنصوص عن أئمة السلف هو كفرهم، ولأنهم يقولون أقوالًا ظاهرة البطلان في إنكار القرآن وأن شيء من القرآن محرف، اختلفوا في تحريفه، وسبهم للصحابة رضي الله عنهم، وسبهم أيضًا لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها الذي أجمع العلماء على أن من سبها أو قذفها فقد كذب بالقرآن والعياذ بالله، كذلك سب الشيخين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما اللذين أجمع المسلمون على إمامتهما، وكذلك هذا تكذيب للقرآن في فضل الصحابة رضي الله عنهم إلى غير ذلك من الضلال، وثم ما هم عليه-والعياذ بالله- من عبادة القبور، بل اعتقدوا في بعض من يدعون أنهم يتصرفون في الكون-والعياذ بالله-، وهذه أمور كفرها ظاهر لا تخفى على أحد، ولهذا قالوا: الشيعة، لأن الشيعة أو الشيعي ربما يكون شيعيًا محترقًا رافضيًا، وربما يكون شيعيًا له وصف التشيع فهذا له حكم وهذا له حكم، ولهذا؛ قالوا: إن الجهمية ليسوا من الإسلام في شيء، لكن هذا الحكم يختلف بحسب الحال حينما يلتبس الأمر، بل قد يكون الأمر ظاهر وواضح وبيّن فيتوقف، كما توقف الصحابة-رضي الله عنهم- في عثمان بن مظعون رضي الله عنه لما وقع منه ما وقع في شرب الخمر وظن أنه إذا شربها،(1) وأنه يعني يعمل صالحًا فتأول قوله تعالى:{لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}(1)   وقال: أشربها مع هذا الوصف فبين الصحابة رضي الله عنهم ذلك، ولم يقولوا بكفره إلا بعد البيان، وهذا الأصل الأصيل له أدلة وقواعد مذكورة في كلام أهل العلم رحمة الله عليهم.


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) قال الحافظ النسائي في السنن الكبرى في كتاب الحد في الخمر رقم (4187) أخبرنا : محمد بن عبد اللّه بن عبد الرحيم ، قال : ، حدثنا : سعيد بن أبي مريم ، قال : ، حدثنا : يحيى بن فليح بن سليمان ، قال : ، حدثني : ثور بن زيد الديلي ، عن عكرمة ، عن إبن عباس ، أن قدامة بن مظعون ، شرب الخمر بالبحرين فشهد عليه ، ثم سئل فأقر أنه شربه ، فقال له عمر بن الخطاب : ما حملك على ذلك ، فقال : لأن اللّه يقول :{ ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالِحات جناح ، فيما طعموا إذا ما إتقوا وآمنوا ، وعملوا الصالحات }، وأنا منهم أي من المهاجرين الأولين ، ومن أهل بدر ، وأهل أحد ، فقال : للقوم أجيبوا الرجل فسكتوا ، فقال : لإبن عباس : أجبه ، فقال : إنما أنزلها عذراً لمن شربها من الماضين قبل أن تحرم وأنزل : {إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان} ، حجة على الباقين ثم سأل من عنده ، عن الحد فيها ، فقال علي بن أبي طالب : إنه إذا شرب هذي .. الحديث. وهذا إسناد ضعيف؛ فيه يحيى بن فليح بن سليمان.قال ابن حزم: مجهول. وقال مرة: ليس بالقوي.وفيه عِكرِمَة بن عَمَّار العِجلي، أَبو عَمَّار اليَمَامي، أصله من البصرة، صَدُوقٌ يغلط، وفي روايته عن يَحيى بن أبي كثير اضطراب، ولم يكن له كتاب، ثقةٌ في روايته عن إياس ين سلمة فقط.وقال عبد الله بن أَحمد: قال أَبي: عكرمة بن عمار، مضطرب عن غير إياس بن سلمة، وكان حديثه عن إياس بن سلمة صالحًا. «العلل ومعرفة الرجال» (733). راجع الشاملة عزو الدارقطني. ورواه ابن شبة النميري في تاريخ المدينة  رقم (1333) قال: حدثنا : محمد بن الفضل عارم قال : ، حدثنا : عبد اللّه بن المبارك ، عن معمر ، عن الزهري ، قال : ، حدثني : عبد اللّه بن عامر بن ربيعة ، وكان أبوه قد شهد بدراً : أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه استعمل قدامة بن مظعون على البحرين ... الحديث وفي إسناده محمد بن الفضل عارم وهو أحد الثقات الأثبات تغير واختلط في آخر عمره، وقال فيه أبو حاتم الرازي: اختلط عارم في آخر عمره وزال عقله فمن سمع منه قبل الاختلاط فسماعه صحيح، وكتبت عنه قبل الاختلاط سنة أربع عشرة، ولم أسمع منه بعدما اختلاط أهـ (2)سورة المائدة، الآية 93.


التعليقات