مصدر الفتوى :
اللقاء المفتوح
السؤال :

يؤخذ من سيئات البعض وتوضع عند غيره ويقع في النار فهل هذا يعني الخلود في النار أو دخول للنار مؤقت لأنه من الموحدين؟

الإجابة

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله ... وبعد ; هذا ورد في خبر مشهور عن أبي هريرة رضي الله عنه عند البخاري، أنه عليه الصلاة والسلام قال (من كان له مظلمة عند أخيه فليتحلله) (1)، يعني قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، فإذا كان يوم القيامة، فإن كان له حسنات أخذ من حسناته، فأعطيت من ظلمه، فإن لم يكن له حسنات أو فنيت حسناته فإنه يؤخذ من سيئات صاحب المظلمة، ثم طرحت عليه، ورواه مسلم من وجه أخر عن أبي هريرة، والذي يظهر أنه حديث أخر، وإن كان في معناه، لأن فيه أنّه عليه الصلاة والسلام كما عند مسلم قال  (أتدرون من المفلس قالوا المفلس من لا درهم له ولا متاع، قال الملفس من أمتي من يأتي يوم القيامة وقد شتم هذا وقذف هذا وضرب هذا وسفك دم هذا وأكل مال هذا، فيؤخذ لهذا من حسناته ولهذا من حسناته فإن فنيت حسناته ولم يقضى ما عليه، اخذ من سيئاتهم فطرحت عليهم ثم طرح في النار) (2) ، وجاء حديث في الاختصام حديث أبي سعيد الخدري (3) أن أهل الإيمان يختصون مظالم كانت بينهم يجلسون بقنطرة من الجنة والنار، والله عز وجل لا يُدخل الجنة أحدًا من أهل الإسلام وعليه مظلمة أو عنده مظلمة أو مظلمة لغيره ولو كان كافرًا، بل لابد أن يوفى حقه ويؤخذ حق المظلوم من الظالم، والقصاص بالحسنات والسيئات كما في الحديث الأخر، وهو ظاهر من هذا الحديث بروايتين فإذا أدخل النار لأنه لم يوف ما عليه بالسيئات التي رجحت ففي هذه الحالة يُتطهر وهذا محل إجماع لأهل السنة لأنه مسلم ومآله إلى الجنة، لكن يتطهر بأن يزول أثر السيئات فترجح حسناته فيكون من أهل الجنة، وهذا إما أن يكون بعفو الله سبحانه وتعالى ابتداءً، بأن يرضي المظلوم، أو بأن يقتص منه بأن يعذب بقدر ما ظلم مما بقي عليه من المظالم، ثم بعد ذلك مآله إلى الجنة، فمعه التوحيد الذي هو الأصل في هذا الباب ودخول الجنة، واختلف العلماء في الحسنات التي تؤخذ، قال كثير من أهل العلم إن الحسنة التي يجازى عليها أما المضاعفة فلا يدخل في هذا، والمقصود أن أهل العلم مجمعون على أن مآله إلى الجنة لأن هذه مظالم ، إما على النفس أو عرض أو مال وهي دون الكفر، وهذه مظالم دون الكفر ولا يوجب شيء منها للخلود في النار، فإنها مظالم ومعاصي وكبائر والشفاعة لأهل الكبائر، وليست لغير أهل الإسلام، وهو منهم فالمقصود أن مأله إلى الجنة فإذا تطهر دخل الجنة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ لِأَخِيهِ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ شَيْءٍ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ الْيَوْمَ قَبْلَ أَنْ لَا يَكُونَ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ ، إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ " أخرجه البخاري رقم (2449). ­(2)  أخرجه مسلم رقم (2584). (3) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : إِذَا خَلَصَ الْمُؤْمِنُونَ مِنَ النَّارِ ، حُبِسُوا بِقَنْطَرَةٍ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ ، فَيَتَقَاصُّونَ مَظَالِمَ كَانَتْ بَيْنَهُمْ فِي الدُّنْيَا ، حَتَّى إِذَا نُقُّوا وَهُذِّبُوا أُذِنَ لَهُمْ بِدُخُولِ الْجَنَّةِ ، فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَأَحَدُهُمْ بِمَسْكَنِهِ فِي الْجَنَّةِ أَدَلُّ بِمَنْزِلِهِ كَانَ فِي الدُّنْيَا "أخرجه البخاري رقم(2440).


التعليقات