يقول السائل:هل من شروط لتكفير المعين في المسائل الجلية أن يكون للعالم والقاضي علي سبيل المثال من يسب الدين أو يسب النبي صلى الله عليه وسلم، هل يجوز لطالب العلم أو العامي أن يكفره بذلك أو يختص ذلك بالعلماء والقضاة؟، أحسن الله إليكم.
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله ... وبعد ;
كل من تكلم في أي مسألة لابد أن يكون عالما بها، لابد من العلم، فلا يجوز الكلام بغير علم، وهناك مسائل واضحة يعرفها عموم الناس وخصوص الناس فهذه يبلغها، لقول النبي عليه الصلاة والسلام قال: "بلغوا عني ولو آية"،(1) فالمسائل الجلية الواضحة هذه لا تردد فيها، فمثلاً كلمات تكون سباً للدين أو سباً لله ربِّ العالمين أو سباً للنبي عليه الصلاة والسلام عياذا بالله من ذلك، فهذه أمور واضحة جلّية لا تخفى على أحد، ولا يمكن لأحد أن يقول أنا أتوقف فيها لأني لا أدري، هذه لا تخفى على أحد، لا تخفى على الصبيان فضلا عن من ينسب إلى شيء من العلم، أو يعرف شيئا من مسائل العلم، فمن عرف شيئا من مسائل العلم حتى غير المسائل الجلية عن ثبت ويقين، فإنه يتكلم، وهذا نص عليه الإمام أحمد بل نص عليه علماء الأصول.
أما التكفير فنعلم أن له شروط وله موانع، وهذه مسألة أخرى، فلا يمكن أن توكل أمور التكفير إلا للعالم بها، لأن هناك مسائل قد يكون أجمع العلماء عليها لكن تخفى، أو يكون سبب التكفير خفي من جهة أن من وقع في هذا يحتاج إلى شروط تشترط لوقوع التكفير عليه، بل بعض الأمور قد تخفى ويتأول بعض الناس فيها، ولهذا ثبت عن قدامة بن مظعون رضي الله عنه أنه كان يتأول شرب الخمر(2) وأنه استدل " لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوا وَّآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوا وَّآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوا وَّأَحْسَنُوا ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ "(3) فيتأول شربها مع الإيمان والإحسان، فبيّن الأمر الصحابة أن من اتقى ومعه الإيمان والإحسان فإنه لا يشربها، فبينوا هذا ولم يكفروه ولا غيره ممن يقعوا في مثل أمر على سبيل التأويل السائر، وهكذا سائر المسائل الأخرى، فهذا باب خطير وباب مهم، ولا يجترئ عليه إلا من كان عالما به.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب أحاديث الأنبياء (3274).
(2) أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب المغازي رقم الحديث (3709).
(3) سورة المائدة الآية:( 93 ) . انتهى