امرأة عندها بيت كتبته لأبنائها ذكوراً وإناثاً واشترطت ألا يكون لهم حق التصرف فيه إلا بعد مماتها وقد قيل لها إن هذا لا يجوز فكيف تتصرف ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ... وبعد ,
إن كانت جعلت هذا البيت لأولادها قالت: لا تتصرفوا إلا بعد الوفاة فهذا في الحقيقة وصية، والنَّبي - عليه الصلاة والسلام - يقول: (لا وصيّة لوارِثٍ)[1] ، هذا في الحقيقة ليس قسمة، وليس عطية إنما هو وصية مثل هذا الفعل لا يجوز؛ لأنها تقول: لا تتصرفوا إلا بعد وفاتي . فكأنها تقول: أوصيكم واجعله وصية لكم. لأن ما هي الوصية ؟ الوصية أن يقول مثلاً: هذا البيت لفلان أو هذه أرض فلان أو ما أشبه ذلك، فلا يمكن أن يتصرف فيه فلان إلا بعد الوفاة، فهذه حكمها حكم الوصية، والوصية لا تجوز لوارث، ولهذا لو جعلته مثلاً لغير وارث، وقالت هذا البيت لفلان ولا يتصرف إلا بعد وفاتي كان وصية وعلى هذا لها الرجوع فيه في حال حياتها لبطلان هذا الكلام، وإن كانت قسمته في حال حياتها قسمة منجزة بمعنى أنها بتت البيع لهم وملكتهم إياه، فهذا فيه خلاف والأظهر لا بأس، ولا يكون قسمة للمال على أساس الميراث إنما عطية، وهبة ويجوز عطية المال في حال الحياة بشروط:
أولاً: يكون في حال الصحة.
ثانياً: أن يكون على سبيل العدل، والعدل اختلف العلماء فيه هل هو بالمساواة أو بالمواساة والأظهر والله أعلم أن العدل هنا بالمواساة لا بالمساواة بينهما كما لا يساوى بينهما في الحياة، كما لا يساوى بينهما في حال الوفاة، لو كان إرثاً وذلك أن الذي قسم تعجل قسمة الله، وهو إن لم يكن ميراثاً ولو أنه قسمته مثلاً على سبيل الميراث فإنه لا يصح ولا يجوز؛ لأنه لا ميراث إلا للوارث، وهذا موجود وليس وارثاً وليس مورثاً ولا ثمة وارث في هذه الحالة.
المقصود أنه إذا كان على هذه الصفة وقد قالت لا يحق لهم التصرف إلا بعد وفاتي فهذه وصية والوصية لا تجوز لحديث لا وصية لوارث كما تقدم