مصدر الفتوى :
فتاوى برنامج يستفتونك - قناة الرسالة
السؤال :

أختنا أم حسين من لندن تقول عندها بيت في العراق اشترته قديماً، فكتبته باسم أولادها ليس هبةً، وإنما حتى تضمن ما أحد يستولي على البيت.هي كتبته باسم الأولاد فقط، لأنها تريد أن ما يكون هناك تعدي، لأنها تعيش خارج العراق والآن البنات يطالبونها بنصيبهم من هذا البيت؛ والولد الكبير تقول أنه راضي ما في مشكلة، ولكن الولد الصغير يقول لا أنتي أعطيتنا البيت هبةً، فهل لها الحق أن تقول ما كنت ناويةً الهبة نهائياً؟

الإجابة

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ; نقول حتى، ولو فرض أنها وهبت هبة، فهذه الهبة لا تجوز لأن هذه الهبة فيها حيف هذا لو فرض أنها هبة. مع أنها لم تهب، وهي قالت إنها كتبته حفظاً، أو خشية أن يعتدى عليه يجترأ عليه، أو نحو ذلك إذا علم أنها خارج العراق، أو نحو ذلك، فأرادت أن تحفظه، ثم نقول إن الواجب في مثل هذا الاحتياط لأن الكتابة على هذا الوجه يؤدي بعد ذلك إلى مشاكل.لأنها مسألة حياة، أو موت، فربما تموت، ربما يموت أحد الأولاد، أو أحد البنات، فيأتي بعض أولاد أولادها، ثم يقول هذا البيت لوالدي، وهو مكتوب باسمه، وهذا ليس مالاً لجدتي، أو ما أشبه ذلك، وليس موروثاً عنها، أو ليس موروثاً عن أبي، أو نحو ذلك.بل هو مال أبي، أو مال أمي، فيحدث خلاف، ونزاع، والواجب الاحتياط في مثل هذا. إما إن أمكن أن يقيد عند جهة حكومية، ويبين الحال، والواقع حتى لا يكون على سبيل التمليك، فيدعونه.  وبالجملة ثبت في الصحيحين من حديث النعمان بن بشير أن النبي عليه الصلاة، والسلام " قال اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم"(1) فلو أن هذا الولد قال إنه هبة نقول أنه، ولو فرض أنها هبة، فالواجب الرجوع فيها مع أنها تقول هي ليست بهبة، وهذا هو الواقع، ثم أيضاً يمكن نفس الكتابة من حالها تبين منها أنها ليست هبة لأنها قالت لأجل أن يحفظ، ويمكن هذا موجود في كتابتها، فيكون المال عنها موروث، لكن حينما يخشى الوالد، أو الوالدة من ضرر، أو مفاسد على المال من جهة بعض الورثة، ويخشى أن يعتدوا على مال البنات، أو يعتدوا على مال أحدهم  وأرادت  قسمته في حياتها على سبيل الميراث، هذا جوزه بعض أهل العلم، وهو من باب الهبة، والعطية، ويجري مجرى الميراث.خلافاً للجمهور الذين يقولون يسوى على كل حال، والصواب ما دام هذا فرق بين من يقسم لأجل مقتضى العطية، وبين من يقسم لأجل يخشى أن يموت، فيترتب عليه مفاسد، فإذا كان هذا هو المقصود، فهو في هذه الحالة لا يريد قسمته لكن يخشى، أو تخشى أن يعتدى على نصيب أحدهم لضعفه مثلاً.في هذه الحالة ما دام هذه هي النية، فهو يقسم على قسمة ميراث بين الأولاد، وإن كان الأولى هو المشروع أنه لا يقسم، وإن كان المقصود حرمان بعض الورثة من غير الأولاد. كما لو كان هناك والد مثلاً، أو زوج، أو زوجة بالنسبة للرجل، فهذا لا يجوز إذا كان المقصود الحرمان.لكن إذا كان ليس المقصود الحرمان، أي أنه مقصد صحيح جائز على صعيد قوله عليه الصلاة والسلام " اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم " المذيع: طيب هي تقول حقيقة تخشى أن يكون يلحقها إثم بهذا الأمر. هل هي بريئة بذمتها؟ الشيخ:ما دام الأعمال بالنيات للحديث " إنما الأعمال بالنيات"(2) {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ}[البقرة:225] ما دام أن نيتها في هذا هو خشيةً أن يعتدى على المال، في هذا لا بأس، لكن عليها الآن مهما أمكن أن تبين الأمر، والواقع، وأنها لم تهب، ولم تعطي، وأنها لو فرض أنها وهبت، فهي مردودة.بل ذهب بعض أهل العلم، وهو قول ابن بطة من الحنابلة، واختاره شيخ الإسلام رحمه الله أنها لو ماتت، فإنه يجب الرجوع في الهبة. يجب على الورثة أن يرجعوا هذا المال مقدار ما كان فيه زيادة؛ يعني يجب عليهم أن يردوه للواهب في حياته، يجب عليه الرجوع لو أنه مثلاً مات :ما رجع في هذا المال لقسمته بالعدل على قسمة الله عز وجل ، أو بالعدل على قول الجمهور مثلاً.  فالواجب على من أعطي المال على غير وجه حق، أن يرد ما زاد من نصيبه على من حرم منه.


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1)أخرجه البخاري رقم (2587). ومسلم (1623). (1)أخرجه البخاري رقم (1). ومسلم (1907).


التعليقات