يقول السائل : ما حكم من لا يصلى تهاونا مع أنه يشهد أن لا إله إلا الله؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ;
قد لا تنفع شهادته والعياذ بالله، لأن ترك الصلاة كفر عند جمع من أهل العلم، بل حكاه بعضهم اتفاقاً عن الصحابة رضي الله عنهم، قال عبد الله بن شقيق العقيلي رحمه الله:"لم يكن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يرون شيئاً من الأعمال تركه كفرٌ إلا الصلاة"(1) هذا هو الكفر الأكبر، لأن هناك نوع من الأعمال تركها من الكفر ، الصوم، الزكاة، لاشك أنها من الكفر، لا أحد يجادل في هذا، بل بعض العلماء قال إنه مخرج عن الملة، لكن تخصيص الصلاة بالكفر يدل على أن المعاصي شعب للكفر، كما أن الطاعات شعب الإيمان، الإيمان بضع وسبعون شعبة، وصحت الأخبار بذلك عن النبي عليه الصلاة والسلام في حديث جابر عند مسلم: "بين الرجلِ وبين الشركِ والكفرِ تركُ الصلاةِ"،(2) وروى الخمسة إلا أبا داوود، حديث بريدة بن الحصيب رضي الله عنه أنه عليه الصلاة والسلام قال: " العَهدُ الذي بَينَنا وبَينَهُم الصلاةُ، فمن تَرَكَها فَقَد كَفَرَ"،(3) وفي حديث أم سلمة عند مسلم: أنه سأل النبي عليه الصلاة والسلام عن قتال الأمراء قال عليه الصلاة والسلام:"ما أقاموا فيكم الصلاة، لا تقاتلوهم ما أقاموا الصَّلاةَ أفلا نُنَابِذُهم؟ قال:لا.ما أقاموا فِيكمُ الصَّلاةَ"(4). وفي الصحيحين عن عبادة بن الصامت " إلا أن تروا كُفرًا بَواحًا"(5).
أي واضحاً بيناً، من البراح الأرض البراح بواح، باح وظهر وانتشر، من الشيء المباح ، وهذا يبين حديث أم سلمة، قال:" لا تقاتلوهم ما أقاموا فيكم الصلاة"، يعني عدم الخروج عليهم، وفي حديث أم سلمة:"ما صلوا"، ودل على أن ترك الصلاة من الكفر البواح، وأخبار النبي عليه الصلاة والسلام لا تتنافى، بل تجتمع، وجاء في أخبار عدة عند أحمد وغيره، "برأت منه الذمة"(6) وما أشبه ذلك، ولكن هذه أحاديث صريحة وواضحة في حكم تارك الصلاة، ولهذا حكوا بالاتفاق على ما تقدم، وجمهور الفقهاء المتأخرين على خلاف ذلك، والمسألة في ترك الصلاة نحن لا نكفر من جهل هذه الأحاديث، إنما نقول الشخص الذي يعلم كفر ترك الصلاة ويصر على ترك الصلاة ويعلم ويترك عناداً، هذا كافر، لكن إنسان جاهل أو مقلد، هذا لا نكفره إلا بعد العلم، ولا نجري عليه أحكام الكفر، مادام يأخذ بهذا القول، يقلد، ولم يحصل بالتفريق، إنما حينما تقوم الحجة، تقوم على أمثاله، في هذه الحالة يعامل معاملة أمثاله ممن يتركون الصلاة، كيف يترك الصلاة؟ ثم بعد قيام الحجة كيف يريد أن يقضيها؟ ولهذا يقول النبي عليه الصلاة والسلام وهو من الدلائل أيضاً، على عدم صحة الصلاة في خارج وقتها، قوله "مَن نام عن صلاةٍ أو نسِيها فلْيُصلِّها إذا ذكَرها"(7)،
لا تعاد الصلاة، إلا لهذين من نام أو من نسي، طيب إنسان ترك عمداً؟ قول بعض الفقهاء يعيدها، هل يصح هذا؟ أو يقضيها؟ لا يصح في الحقيقة، لأن قضائها لابد له من أمرٍ جديد، يعني حينما نقول يقضي،
لماذا يقضي؟ قالوا لأنه أولى بالقضاء من النائم، سبحان الله، إنها ليس أولى، هو لا يؤمر لأن ذنبه عظيم، لا للتخفيف عنه، النائم معفوٌ عنه غير مكلف وغير مفرق، والناسي معفوٌ عنه كذلك فلا يفوت الصلاة كما لو نسيَ ركعةً نسياناً لا تهاوناً بها، فهذا حينما نقول لا يقضي ليس للتخفيف عنه، لا، للتثقيل، ولليمين الغموس لا كفارة له، هل هو للتخفيف عنه؟ لا، لتشديد الأمر، إنما الكفارة تكون للذنب اليسير أو الذنب الخفيف، حينما أحلف أني ما أزورك والله ما أدخل بيتك، حصل بيني وبين أخي منازعة، حلف، قلنا يا أخي لا تحلف ألا تزور أخاك، لماذا؟ لا تلج بيميني، يقول عليه الصلاة والسلام- "لأَنْ يَلِجَ أحدُكم بيمينِه في أهلِه آثَمُ له عند اللهِ من أن يُعْطِي كفَّارتَه التي افترض اللهُ عليه"(8) الراوي أبي هريرة، الكفارة أيسر من ولوجك في اليمين، إذا حلفت على شئ ورأيت الذي هو خير، فلتكفر عن يمينك هذا هو الواجب عليك، فعدم الكفارة للتشديد، وأن تلاحظ الذنوب الكبار لا تأتي بها كفارات، انظر الزنا؟ عقوبة، ما في كفارة، عقوبة، يعني عندك الوطء في رمضان، فيه كفارة، قد يعذر إذا كان مضطراً – كقادم من سفر- لكن مع ذلك فيه كفارة ، لكن الزنا فيه عقوبة وليس فيه كفارة، الوطء في رمضان، الواجب الكفارة، هل يعاقب أو لا يعاقب، يعذر؟، لأن الوطء في رمضان أصله مباح وإنما حرم لعارض، وكذلك وطء الحائض، فيه كفارة، لأنه يجوز له، لأن تحريمه عارض للحيض، وهذا تحريمه عارض للصوم فدخلت الكفارة في هذا، فلذا نقول لابد من أمرٍ جديدٍ، لذلك فمن قال يقضي، نقول ما الدليل عليه؟ كذلك الصوم مثله.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)أخرجه الترمذي (2622) والحاكم 1/ 7 وقال الذهبي: إسناده صالح، وصححه الألباني في صحيح الترمذي (2114).
(2) أخرجه مسلم رقم (82) ، وأبو داود رقم (4678) والترمذي رقم (2622).
(3)أخرجه الترمذي (2621) والنسائي 1 / 231 وابن ماجة (1079) وأحمد (5/346) وقال الترمذي: حسن صحيح غريب.
(4) أخرجه مسلم رقم (1854).
(5) أخرجه البخاري رقم (7055) ومسلم رقم (1840).
(6) أخرجه ابن ماجه رقم (4034). وهو في مسند الإمام أحمد (6/ 421). ومستدرك الحاكم (4/ 41).
(7) أخرجه البخاري (597) ، ومسلم (684).
(8) أخرجه البخاري (6625) ، ومسلم (1655).