يقول السائل :
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ;
هذه المسألة وهي رؤية الكفار لله عز وجل في العرصات هذه موضع خلاف، أما الجنة فالرؤية للمؤمنين فقط؛ لأن الكفار في نار جهنم والعياذ بالله بئس الحال حالهم لكن الخلاف في العرصات في الموقف، اختلف العلماء على ثلاث أقوال:
جمهور العلماء يقولون: لا يرى الكفار ولا المنافقون لا يرونه سبحانه وتعالى لا في العرصات، ولا في غير العرصات { كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} [المطففين: 15].
وذهب بعض أهل العلم إلى القول الثاني: أنه يراه المنافقون من هذه الأمة، ولهذا جاء في الأخبار "تأتي هذه الأمة وفيها منافقوها، وأن الله سبحانه وتعالى يأتيهم ويلقونه سبحانه وتعالى"(1) فقالوا هذا فيه أنهم يرونه، وهذا قول ابن خزيمة رحمه الله.
والقول الثالث: أن الكفار يرونه أيضًا عموم الكفار، وهذا قاله بعض أهل العلم واستدلوا ببعض الأخبار أنه يأتيه في الموقف.
لكن الأخبار محتملة، وإذا قيل أنهم يرونه فإن رؤيتهم ليست رؤية إكرام رؤية إهانة، يعني مثل ما تمثل ولله المثل الأعلى، مثلا حينما يأتي اللص الهارب فيمسكه ويأتى به إلى السلطان فينظر إليه، نظرته هذه ما هي نظرة تعزير مقدمة لعقابه، وتعذبيه فليست نظرة إكرام؛ فلهذا جاء الأخبار واستدل بها من استدل لأنه يراه وبدلالته موضع نظر، وجمهور العلماء يقول إنهم لا يرونه والأدلة محكمة في ذلك.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ أُنَاسٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ القِيَامَةِ؟ فَقَالَ: «هَلْ تُضَارُّونَ فِي الشَّمْسِ لَيْسَ دُونَهَا سَحَابٌ» قَالُوا: لاَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «هَلْ تُضَارُّونَ فِي القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ لَيْسَ دُونَهُ سَحَابٌ» قَالُوا: لاَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: " فَإِنَّكُمْ تَرَوْنَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ كَذَلِكَ، يَجْمَعُ اللَّهُ النَّاسَ، فَيَقُولُ: مَنْ كَانَ يَعْبُدُ شَيْئًا فَلْيَتَّبِعْهُ، فَيَتْبَعُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ الشَّمْسَ، وَيَتْبَعُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ القَمَرَ، وَيَتْبَعُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ الطَّوَاغِيتَ، وَتَبْقَى هَذِهِ الأُمَّةُ فِيهَا مُنَافِقُوهَا، فَيَأْتِيهِمُ اللَّهُ فِي غَيْرِ الصُّورَةِ الَّتِي يَعْرِفُونَ،الحديث أخرجه البخاري(806)، ومسلم (299)(182).