يقول السائل : هل يصح حديث ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في الجنة إلا واحدة هي في النار هم الزنادقة؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ;
لا هذا باطل، الحديث قال: (( كلها في النار إلا واحدة)) هي الجماعة وهذا الحديث بهذا اللفظ باطل يعني يقول: "افترقت أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في الجنة إلا واحدة وهي الزنادقة" هذا يمكن يكون من وضع الزنادقة الذين يريدون في الحقيقة أن يصححوا هذه الفرق وأنها كلها على حق، كلها في الجنة يعني على حق وإذا كانت كلها في الجنة المعنى على حق وأنها اختلاف في مسائل وكلٌ يطلب طريقًا إلى ربه هذا من أبطل الأقوال التي تحكى أن يقال عن هذه الفرق الضالة وهذه البدع المنكرة ومنها بدع مكفرة ولهذا الصحيح أن هذا الحديث عمومه يدخل فيه الفرق التي هي خارجة عن الإسلام والفرق التي داخلة في الإسلام يعني يشمل هذه الفرقة ويشمل هذه الفرقة.إنما الحديث الصحيح (( افترقت اليهود والنصارى على إحدى أو ثنتين وسبعين فرقة وافترقت أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة)) وهذا ثبت من حديث معاوية رضي الله عنه عند أبي داود بإسنادٍ جيد (1) وكذلك أيضًا من حديث عوف بن مالك، عند ابن ماجه بسندٍ جيد (2) ومن حديث أنس كذلك عند ابن ماجه بسندٍ جيد (3) وكذلك جاء من حديث عبد الله بن عمرو بسندٍ فيه ضعف عند الترمذي(4) لكن له شواهد وجاء من حديث أبي هريرة عند أبي داود أنه عليه الصلاة والسلام قال (( افترق أهل الكتاب على إحدى أو ثنتين وسبعين فرقة)) أو قال (( افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة والنصارى على مثل ذلك وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة)) (5) ولم يذكر بقيته لكن في الأحاديث الأخرى كلها في النار إلا واحدة، وجاء فيها كلها إلا حديث أبي هريرة الأول أنها الجماعة كلها ذكرت أنها الجماعة وقوله ((كلها في النار)) إذا قلنا يدخل فيها الفرق التي خرجت من الإسلام خروجًا كليًا وكذلك الفرق التي هي في دائرة الإسلام لكنها وقعت في بدعة، نقول: قوله: ((كلها في النار)) إما إذا كانت فرقةً خارجةً عن الإسلام فهو خلودٌ أبدي لكفرها وإن كانت فرقةً ليست خارجة عن الإسلام فهو خلودٌ أمدي ليس أبدي والخلود يطلق ويراد به هذا ويراد به هذا وهذا أتم لأن هناك من الفرق ما اتفق السلف على كفرهم كالجهمية بل هناك بعض البدع التي اتفق السلف على كفر من قال بقولها في بعض المسائل مع العلم لكن إذا كان الذي قال القول تقلد قولاً لغيره وهو جاهل أو اغتر بهذا القول فلا يكفر حتى يبلغه العلم الذي يبلغ أمثاله وتقوم عليه الحجة ويكون الإصرار بعد ذلك مكابرة لا يقبل من صاحبه مثل أصحاب البدع أئمة البدع الكبار الذين ظهر لهم العلم وتبين لهم العلم فأصروا بعد العلم فهذا لا حجة له ولا يقول أنا عندي شبهة لأن مسائل التوحيد والعقيدة ظاهرة لا شبهة فيه وخلافه يكون مكابرة ولهذا أهل البدع وأئمة البدع مطلعون على الأدلة من السنة ظاهرة والأدلة من الكتاب والسنة ظاهرة ولهذا يكابرون ويقولون لأصحابهم: حرفوا النصوص، فيما بينهم في خلوتهم حرفوا النصوص بالتأويل الذين يسمونه تأويل حتى قال أصحاب بشر المريسي له وكان ينكر الآيات في الأسماء والصفات، ينكر الآيات وهو وأصحابه على هذا القول فقال له بعض أصحابه من تلاميذه وأتباعه إن هؤلاء القوم يعنون أهل السنة يأتوننا بأسانيد لا يمكن ردها يعني أسانيد عن النبي عليه الصلاة والسلام يقطع بصحتها مالك عن نافع عن ابن عمر، الزهري عن سالم عن ابن عمر أسانيد نيرة أسانيد مقطوع بصحتها لا يمكن أن ترد ما يمكن ماذا نصنع؟ .ماذا قال لهم؟ قال: إياكم أن تفتضحوا صرفوها بالتأويل لا تقولوا كذب سالم هذا لا يمكن لو كذبتم ظهرت زندقتكم ولا تكذبوا مالكًا ونافعًا ظهر علمهم وفضلهم والثناء عليهم بين عموم أهل الإسلام لكن صرفوها بالتأويل قولوا: المراد كذا المراد كذا، وهذا لا شك ديدن أهل البدع إلى يومنا هذا والضلالات فيأتون إلى نصوص واضحة لا يمكن ردها، أرأيت قول النبي عليه الصلاة والسلام : ((إنكم سترون ربكم عيانًا)) (6) وهذا في البخاري واللفظ في الصحيحين: ((إنكم سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر)) (7).
وفي حديث جرير الزيادة (( فإن استطعتم ألا تغلبوا على صلاةٍ قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا)) (8) قبل طلوع الشمس الفجر وقبل غروبها صلاة العصر وهم البردان (( من صلى البردين دخل الجنة)) (9) هذا الحديث هل يستطيع أي إنسان أن يأتي بأبلغ منه في أن رؤيته سبحانه رؤية حقيقة لا يمكن صرفها إلى وجه من الوجوه لا نقول التأويل التحريف (( إنكم ترون ربكم كما ترون القمر)) وفي اللفظ الآخر ماذا قال؟ قال: (( كما ترون القمر ليلة البدر وكما ترى الشمس ليس دونها حجاب)) (10) لو اقترح مقترح أن يأتي بأبلغ من هذه العبارة في وضوح الرؤية لم يستطع، والنبي عليه الصلاة والسلام قد نصح الأمة وبين أتم البيان فلهذا تجد أوضح النصوص وأظهر النصوص هي النصوص في التوحيد والعقيدة في ظهورها وبيانها بيانًا لا يمكن لأي أحد أن يصرفه مهما صرف إنما يكون صرفها في الحقيقة مكابرة وتحريف بل وإبطال للنصوص حتى تأثر بعض الناس ربما ينسب إلى أهل العلم ووقع في بعض هذه الأمور وقال ابن العربي رحمه الله أبو بكر العربي ليس ابن عربي الضال وهو إمام كبير كلامًا معناه يعني أن بعض النصوص لا يمكن الأخذ بظاهرها حتى يصرف عنها عشر احتمالات هذا كلامٌ الحقيقة باطل وإن قاله ابن العربي رحمه الله وعلى جلالته بل قال الشاطبي رحمه الله في كتابه الموافقات في آخر كتاب الموافقات معناه ما معنى هذا الكلام أن هذا ربما يكون يقال لإبطال نصوص الشريعة خاصة أن غالب نصوص الشريعة في كثير من المسائل هي ظواهر في كثير من النصوص لو سلط عليها هذه المعاني لأدى إلى بطلانها أما أمور التوحيد والعقيدة أمور ظاهرة بينة ولله الحمد.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أخرجه أبو داود (4597) وأحمد (16937).
(2) حديث عوف بن مالك أخرجه ابن ماجة (3992) .
(3) حديث أنس بن مالك أخرجه ابن ماجة (3993) .
(4) حديث عبد الله بن عمرو أخرجه الترمذي(2641) والحاكم 1/128 .
(5) أخرجه أحمد[2332]، وأبو داود[4596]، والترمذي[3991] وقال :" حسن صحيح "،
(6) أخرجه البخاري (7435).
(7) أخرجه البخاري (7436). ومسلم (633)(211).
(8) أخرجه البخاري انظر مختصر البخاري (296).
(9) أخرجه البخاري (574) ، ومسلم (635) (215) ،
(10)نظر الإيمان لابن مندة (805)، ورؤية الله للدارقطني (32).