السؤال: ما حكم قول: (أنا أموري على كف القدر)؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ;
هذه الكلمة محتملة، والقاعدة الشرعية "أنَّ الكلمات محتملة فلا تقسم:
- قسمٌ واضح لا لبس فيه من جهة الجواز.
- وقسمٌ واضح من جهة الحرُمة.
- وقسمٌ محتمل.
والقاعدة: "أن المحتمل في هذا يستفسر قائله عن قصده بذلك"، وما دام أنه يستفسر فالأولى أن يكف عن اللفظ المحتمل. فإذا قال: (أموري على كف القدر) لا شك أن القدر يجري، وأن الله سبحانه وتعالى خلق كل شيء فقدره تقديرًا {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر:49] هذا محل إجماع من أهل الإسلام، وركنٌ من أركان الإيمان أنَّ الأمور تجري بقدر الله، وأن الله عز وجل قدر أموره وقضائها -سبحانه وتعالى-، وأن كل إنسان لا يخرج عن تقديره -سبحانه وتعالى-، لكن حينما نقول: (على كف القدر) يضيفه إلى القدر، ويقول عنها: "كف القدر". فقد يوهم أنه لا تصرف له؛ لأن الشيء حينما تضعه على كفك فإنه لا تصرف لهذا الموضوع يتصرف فيه من كان يحمله على كفه، وإن كان المراد بذلك: الكف من جهة المعنى، وهذا الكف من جهة الحس لكن المعنى دال على هذا القدر، وأنه لا تصرف له فيه، والقائل لا يريد هذا، لأنه لو أراده لكان داخل في حكم اللفظ الصريح في الممنوع؛ ولهذا لما احتمل كان الأولى ترك مثل هذا، ويأتي بعبارة تبُين أن الأمور بتقدير الله -سبحانه وتعالى- لكن قد يمكن أن يفرق بينما إذا أخبر إنسان عن أمرٍ واقع. مثل: إنسان أُصيب بحادث أو مرضٌ ونحو ذلك فقيل له شيءٌ من هذا أو ربما يلومه بعض الناس على شيء من التعجل هناك فيخبر عن هذا الشيء الذي وقع فيقول: (نحن على كف القدر في شيءٍ قد وقع ونفذ) ربما يقال في هذه الحالة: لا بأس؛ لأنه لا يخبره على سبيل العموم ليخبره على سبيل الخصوص. فرقٌ بين أن يخبر عن شيءٍ وقع ولذا حينما يحتج الإنسان بالقدر بعد وقوع الشيء حتى ولو كان منه تفريط، وندم على ذلك ورجع فلا بأس كما وقع لآدم -عليه الصلاة والسلام- حيث احتج بالقدر فهذا نوعٌ في الحقيقة من الاحتجاج بالقدر في شيءٍ وقع لكن إذا كان من أمور المعايب واستغفر الله وندم تاب عليه فلا يُلام على ذلك فيحتج بالقدر كما وقع لآدم –عليه الصلاة والسلام- بعدها كان حاله خيرًا من حاله قبل ذلك -عليه الصلاة والسلام-.