• تاريخ النشر : 14/08/2016
  • 865
مصدر الفتوى :
اللقاء المفتوح
السؤال :

يقول السائل : هل الخلاف في مسألة فناء النار معتبر؟ وهل يضلل المخالف فيها؟

الإجابة

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ; هذه مسألة لها شقان: الشق الأول فيما يتعلق النار، الشق الثاني: فناء أهل النار. وقد بين العلماء الكلام فيهم وبسطوه رحمة الله عليهم، أما النار فهي باقية آباد الآباد، ودهر الداهرين، وحكى الإجماع على هذا غير واحد من أهل العلم، بينوا هذا وحكوا الإجماع عليه وأنها لا تفنى، وقد جاء في عدة آيات خلود النار { خَالِدَيْنِ فِيهَا }([1]) وكذلك جاء في قوله { يُرِيدُونَ أَن يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ ومَا هُم بِخَارِجِينَ مِنْهَا ولَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ }([2]) وقال سبحانه وتعالى { ومَن يَعْصِ اللَّهَ ورَسُولَهُ فَإنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا }([3]) فهذا الخلود الأبدي بمعناه يشمل إذا كان هذا خلود أهل النار في النار، فأبدية النار من باب أولى، وحكوا الإجماع على هذا. إنما ذكر أن فناء أهل النار أو خروج أهل النار هذا ذكره بعضهم، وبعضهم بدع فيه وقال: أنه محل إجماع، وأنه لا يعرف عن السلف خلاف في هذا، من الصحابة رضي الله عنهم، وأن ما جاء من الآثار والأخبار في هذا الباب كلها أخبار لا تصح، إما أخبار موضوعة أو أخبار ضعيفة. وجاء عند البزار أن النار يعني يأتي عليهم زمان ((تُصَفِّقُ فِي أَبْوَابِهَا لَيْسَ بِهَا أَحَدٌ))(4) وهذا يعني في خروج أهلها، وهذا حديث لا يصح، منهم من قال: أنه موضوع، وكذلك جاء عن عمر رضي الله عنه عند عبد ابن حميد من حديث الحسن عن عمر أنه قال: ((لَيَأْتِيَنَّ عَلَيْهَا يَوْمٌ وَهِيَ تُصَفِّقُ فِي أَبْوَابِهَا لَيْسَ بِهَا أَحَدٌ)) (5) وفي لفظ عنه ((لو بقى أهل النار ما بقوا)) وفي لفظ ((عَدَدَ رَمْلِ عَالِجٍ لَكَانَ لَهُمْ يَوْم يَخْرُجُونَ فِيهِ)) وهذا الخبر لا يصح أيضًا عن الحسن ولا عن عمر لأن الحسن لم يدرك عمر، وينظر في ثبوته عن الحسن رضي الله عنه. وابن القيم تقيم على هذه المسألة في عدة كتب في كتابه طريق الهجرتين وفي شفاء العليل، وكذلك في كتاب ثالث آخر، وكتاب رابع كذلك في.. كتابه الوابل الصيب، وفي بعضه أورد حجج الفريقين، وفي بعضها جزم بأنها لا تفنى وهذا في كتابه الوابل الصيب وهذا كلام محكم يقضي على المشتبه من قوله رحمه الله، بالجملة ما جاء في النار وأنها باقية أبد الآباد في ظاهر الآيات، ثم أيضًا في بيان أن أهل النار لا يخرجون قال { يُرِيدُونَ أَن يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ ومَا هُم بِخَارِجِينَ مِنْهَا ولَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ }(6) إلى غير ذلك من الآيات الدالة على بقائهم فيها، واستمرار العذاب وأنه لا انقطاع له، وهذا قول عامة السلف، ومنه كما تقدم من حكى إجماع في عدم خروج أهلها منها، أما مسألة: هل يبدع؟ هذا يحتاج إلى مزيد تحرير في خروج أهلها منها، في النظر إلى الآثار الواردة والعناية بها، ولكن الخلاف مبسوط، وكلام أهل العلم موصول يمكن أن يراجع ويحرر مرة أخرى.


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ([1]) سورة الحشر، آية 17. ([2]) سورة المائدة، آية 37 ([3]) سورة الجن، آية 26. (4)رفع الأستار 1 / 75 وانظر الأدلة والبراهين لإيضاح المعتقد السليم للعلوان ص 22.  (5)والحق أن هذا الخبر لا يصح عن عمر - رضي الله عنه – وذلك لأنه منقطع بين عمر والحسن البصري؛ لأن الحسن لم يسمع من عمر رضي الله عنه، ومراسيل الحسن عند الأئمة واهية؛ كما قال ذلك ابن سيرين و قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله:(ليس في المرسلات أضعف من مرسلات الحسن وعطاء بن أبي رباح، فإنهما كانا يأخذان عن كل أحد). وقال الذهبي في الموقظة : (ومن أوهى المراسيل عندهم: مراسيلُ الحَسَن) وقال الحافظ ابن حجر - رحمه الله -:(هو منقطع) ثم قال (ولو ثبت حمل على الموحدين. انظر فتح الباري ج11 ص422.
(6) سورة المائدة، آية 37  .


التعليقات