يقول السائل : هل يجوز بيع الذهب بالتقسيط أو الجملة ؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ;
يجوز بيع الذهب بالذهب يدًا بيد والفضة بالفضة تواترت في ذلك الأخبار من حديث عمر(1) وأبي بكرة (2) وأبي سعيد (3) وحديث فضالة بن عبيد(4) عبادة بن الصامت(5) وحديث أبي هريرة (6) وحديث عبادة وأبي سعيد كلها في صحيح مسلم والأحاديث متواترة في هذا الباب عنه عليه الصلاة والسلام هذه كلها من الربا فلا يجوز بيعها نسأً بل يجب أن يكون يدًا بيد هذا حينما يتفق الجنسان، فإذا كانا جنسًا واحدًا فإنه يجب التماثل والتقابض وإن كانا جنسين في هذه الحالة يجب التقابض ولا يشترط التماثل لكن يجوز بيع الدراهم بعضها يجوز أن يقوم مقامها ما يكون بمثابة القبض مثل الشيك الموثوق به أو الشيك المصرفي وكذلك أيضًا البطاقات التي ينزل في حسابه مباشرةً حينما يجريها على الجهاز فيقرأ الجهاز المعلومات ثم مباشرةً ينزل المال فهذا يجري مجرى القبض لأن القبض مختلف وما كان مثل هذا فيجرى مجرى القبض خاصة مع كثرة مثل هذه المعاملات بين الناس فإذا بيع ذهب بذهب وأحدهما فيه نحاس والآخر فيه ذهب في هذه الحالة جماهير العلماء لا يجيزونه حتى تفصل ولهذا في الحديث الصحيح في فضائل عبيد لما اشترى قلادةً باثني عشر دينارًا فسأل النبي عليه الصلاة والسلام قال: (( لا حتى تفصل)) (7) بمعنى أن يفصل الذهب من غير الذهب فيبيع الذهب بالذهب والنحاس يشتريه بنحاس أو بغيره فإذا فصلت جاز، لكن هنا مسألة جوزها شيخ الإسلام رحمه الله وهو إذا ما بيع جنسٌ ربوي بربوي ومعهما أو مع أحدهما من غير جنسه هل يجوز؟ يسمونه مسألة مد عجوة يسميها الفقهاء مسألة مد عجوة وضابطها قالوا: أن يباع الربوي بالربوي ومعهما يعني مثلاً مد بر مع درهم أو دينار أو دولار مثلاً وكذلك مد بر آخر ومعه درهم أو دينار، مثلا بعت شيء من الرز أو الشعير صاع من هذا ومعه جنيه مثلاً وباعك صاع آخر مثلاً معه جنيه فهل يجوز؟ فجمهور العلماء يقولون: لا يجوز والضابط عندهم أن يباع الربوي بالربوي ومعهما أو مع أحدهما يعني مثل مدي بر بمد بر ودرهم أو مع أحدهما جنسٌ آخر يعني ربوي بربوي معهما أو مع أحدهما هذا فيه ربوي وهذا فيه ربوي ذهب شيخ الإسلام رحمه الله إلى أنه إذا كانا متعادلين جاز، مثلاً في صورة السلاسل ذهب مثلاً سلسلة فيها ذهب وفيها شيء ألماس فيها بعض المجوهرات واشتراها فإنه إذا كان الثمن هذا إذا كان ذهب بذهب أما إذا كان بالريالات فهذه جنسٌ آخر لكن إذا كان الذهب الذي اشتريت به أكثر يعني وزنه أكثر من الذهب والزائد مقابل ما فيه من هذه المجوهرات فهذا جائز وأجاب عن حديث فضائل أبي عبيد الذي فيه النهي عن بيع القلادة باثني عشر دينار وفي لفظ تسعة دنانير وفي لفظ سبعة دنانير اختلفت الروايات في هذا أنه لما فصلها وجد الذهب الذي في السلسلة أو في القلادة أكثر من الذهب الذي اشترى به وهذا ربا بلا إشكال وهذا جوابٌ واضح بين.النبي عليه الصلاة والسلام لما قال: ((لا حتى تفصل)) لأن الذهب الذي في القلادة كان أكثر من الذهب الذي اشترى به أما لو كان اشتراها مثلاً على تقرير أبي العباس رحمه الله اشتراها باثني عشر دينارًا وكانت القلادة فيها عشرة دنانير وفيها خرز والخرز هذا يعادل الدينارين يقول الدينار هذا يعادل الخرز يعني إذا كانت عشرة دنانير مقابل عشرة دنانير بذهب وديناران مقابل الخرز فعنده يجوز، وقال إن هذا خاصة عند الحاجة يجوز ويكون فيه مشقة وهذا يجري حتى على أصل كمالك رحمه الله في بعض المسائل وهو جواز بيع الخبز بالخبز في البرية عند الحاجة على الخلاف في مسألة الخبز وجريان الربا فيه بعد ما يطبخ يعني في النار وعند الحاجة لها أحوال فهذا هو أصل تخريجها أما عند عدم الحاجة أو إذا كان الذهب أكثر فهذا لا إشكال في منعه والله أعلم وصلَّ الله وسلم على نبينا محمد.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) حديث عمر بن الخطاب أخرجه البخاري رقم (2174). ومسلم (1584).
(2) حديث أبي بكرة أخرجه البخاري رقم (2175). ومسلم (1591).
(3) حديث أبي سعيد أخرجه البخاري رقم (2176). ومسلم (1585).
(4) حديث فضالة بن عبيد أخرجه مسلم (1593).
(5) حديث عبادة بن الصامت أخرجه مسلم (1588).
(6) حديث أبي هريرة أخرجه مسلم (1599).
(7) عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ، قَالَ: اشْتَرَيْتُ يَوْمَ خَيْبَرَ قِلَادَةً بِاثْنَيْ عَشَرَ دِينَارًا، فِيهَا ذَهَبٌ وَخَرَزٌ، فَفَصَّلْتُهَا، فَوَجَدْتُ فِيهَا أَكْثَرَ مِنِ اثْنَيْ عَشَرَ دِينَارًا، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «لَا تُبَاعُ حَتَّى تُفَصَّلَ»
أخرجه مسلم (1599).