• تاريخ النشر : 01/06/2016
  • 377
مصدر الفتوى :
اللقاء المفتوح
السؤال :

يقول ما حكم التورق هل يدخل في حكم المتشابه؟

الإجابة

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله ... وبعد ; التورق وهو أن يشتري الإنسان سلعةً إلى أجل، وإذا حاذها وقبضها باعها لغير من اشتراها منه بثمن حاضر لقصد الحصول على المال حالاً، هذا سُمِّيَ التورق لأنه قصد بذلك الورق، لا يقصد بذلك السلعة إنما قصد الوَرِق، فاحتال في شراء سلعة بدين، وباعها بحاضر لكي ينتفع بثمنها، وضدها العِينة وهي محرمة، وذلك أن يشتري سلعة بدين إلى أجل ثم يبيعها ممن اشتراها منه بثمن معجل. فيعود الأمر إلى أنه أقرضه مالًا مُعجلًا وزيادة مع التأجيل, فيكون من ربا الفضل والنسيئة، وسُميت عينه لأنه أعاد عين السلعة التي اشتراها؛ عادت إلى نفس البائع, فهذه محرمه وهي حيلة على الربا. وأما الصورة الأولى فهي التورق وهي جائزة عند جماهير العلماء, خلافًا لعمر بن العزيز رحمه الله, وبعض السلف, واختاره ومال إليه شيخ الإسلام رحمه الله, وقال ابن القيم رحمه الله عاودته أكثر من مرة وكان يحتج بقول عمر  إنها أخية الربا(1), ولا شك أن بعض السلف كرهها وإن لم يحرمها لما فيها من الاضطرار, حيث يضطر المسلم إلى هذه السلعة التي يريد أن ينتفع بثمنها لحاجته, بخلاف ما إذا كان يريد أن يُتاجر فيها فالأمر أخف. فإذا كان الذي يريد السلعة لأجل النفقة المحتاج إليها فهذا لا شك أن فيه ضرر على المسلم حيث لزمه هذا المال لنفقة هو مضطر إليها, أما حينما يأخذ التورق لأجل التجارة فالأمر أيسر في هذا الباب. وبالجملة جمهور العلماء على جوازها إذا سلمت من الحيلة في الربا, وكانت عقدًا صريحًا واضحًا لأن الأصل هو حل البيوع, والأصل هو السلامة من التحريم, وهذا ليس فيه صورة من الصور المحرمة التي جاءت في النصوص, فليس هو ربا, وليس هو حيلة على الربا, وليس هو موصل إلى الربا, فهذا هو الأصل والقاعدة في هذا الباب. وإن كان المشروع للمسلم ألا يستغل ضرورة أخيه, ففي حديث علي عند أبي داود نهى عن بيع المضطر (2) وهذا وإن كان في سنده كلام, لكن الإضرار عمومًا منهياً عنه، إضرار المسلم لأن هذا ضد إعانة أخيك المسلم, وحينما يكون مضطر ويغلب على ظنك أنه ربما يضطر إلى أن يستدين مرة أخرى لأجل أن يقضي دينك أنت أيها المتعامل معه فقد يحرم هذا في الحقيقة؛ لأنه قد يُلجأه في الوقوع في عقود الربا. فالمقصود أن التورق لا بأس به وخاصة حينما كثر الشح في الأموال وقل من يقرض, ولو مُنعها التورق لتسبب ضرر. ولو قيل أن فيه نوع ضرر مثلًا فمنعه بحجة أنه فيه ضرر على أخيه على المسلم ونحو ذلك يوقع في ضررٍ أكثر وأشد، من جهة قلة من يقرض ومن يُعين, فلهذا لا يظهر فيه شبه؛ إذا استوفى الشروط الصحيحة, ولم يكن طريقًا أو وسيلة إلى الربا كما تقدم بل بيع تورق صحيح.


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) الفتاوى الكبرى لشيخ الإسلام ( ج4/ص22) ,أعلام الموقعين (ج3/ص 154).
(2) أخرجه أبو داود رقم (3382)، وأحمد  (1/116).


التعليقات