• تاريخ النشر : 02/06/2016
  • 1377
مصدر الفتوى :
اللقاء المفتوح
السؤال :

يسأل عن حكم إهداء الورود والزهور للمرضى وغيرهم؟

الإجابة

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله ... وبعد ; النبي عليه الصلاة والسلام كان يقبل الهدية ويثيب عليها كما في البخاري عن عائشة(1)، وفي البخاري عن أبي هريرة أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: «لو دعيت إلى كُراعٍ لأجبت، ولو أهدي إليَّ ذراعٌ وكُراعٌ لقبلت»(2).وفي الأدب المفرد للبخاري:«تهادوا تحابوا»(3). جوده جمعٌ من أهل العلم، وروى أحمد والترمذي من طريق أبي معشر  نجيح بن عبد الرحمن السندي وفيه ضعف أنه عليه الصلاة والسلام قال: «تهادوا فإن الهدية تُذهب وحر الصدر»(4). أي غلة وغشه، والهدية كلما كانت لا تَكلف فيها كلما كانت مشروعيتها آكد؛ لأنها تدوم وتستمر بكل شيء سواء كان طعامًا أو مالًا، وقالت عائشة رضي الله عنها:"يا رسول الله إن لي جارين فإلى أيهما أهدي؟"، قال: «إلى أقربهما منك بابًا»(5). ومشروعية الهدية يدخل فيها عموم ما يُهدى ومن ذلك إهداء الورود والزهور داخلة في العموم ؛ لأنها مما تستطيبها النفوس وترتاح لها النفوس وهي من جنس الطيب وإن لم تكن طيبًا، والنبي عليه الصلاة والسلام صح عنه في صحيح مسلم أنه قال: «إذا عرض على أحدكم الريحان فلا يرده فإنه خفيف المحمل طيب الرائحة»(6).وعند أبي داود وغيره «إذا عرض على أحدكم طيب»(7). ورجحها بعض الحفاظ ومال إليها الحافظ وقالوا إن الأظهر هو الطيب، وبالجملة هذه اللفظة موجودة في صحيح مسلم وذكرها أهل العلم، ثم الريحان والزهور والورود معروف ومعتاد في بلاد المسلمين ويستطيبونه ويكون شيئًا خفيفًا وسهلًا فلا بأس من إهداءه لعموم الأدلة   وثبت أيضًا في البخاري من حديث ابن عمر أنه سأله ناسٌ من أهل العراق عن الدم يصيب الثوب وذكر في آخر الحديث أنه قال:"وقد قتلتم ابني رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن والحسين"،(8) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هما ريحانتي من الدنيا»(9). والريحان قيل الرزق وقيل المشموم يعني أنه كان يشمهما كما يشم الريحان، في هذا الحديث دلالة على استطابة شم الرائحة الطيبة من الريحان والزهور والورود وكل ما له رائحة طيبة، وجاء عند الطبراني من حديث أبي أيوب أنه دخل على النبي عليه الصلاة والسلام وعنده الحسن والحسين وهما يلعبان وهما في حجر الرسول صلوات الله عليه فقلت: "يا رسول الله أتحبهما؟"قال:«كيف لا أحبهما وهما ريحانتي من الدنيا أَشَمهما»(10). هذا يفسر حديث ابن عمر في أن قوله: «ريحانتي». أنه يستطيب شمهما ورائحتهما، ولو أن إنسان أراد أن يشم الريحان لنفسه يأخذ ريحان أو زهور أو ورود هل يقال إن هذا بدعة؟ لا يُظن أن أحد يقول إنه لا يجوز شم الريحان لنفسه، فإذا كان يجوز للإنسان أن يأخذ الريحان ويستطيب بالريحان ويشم الريحان وأنه مما يستطاب، فكذلك يجوز له أن يهدي الريحان؛لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه»(11). وهذا في الصحيحين، وعند النسائي بإسنادٍ صحيح «من الخير»(12). فإذا كان يحب هذا ويستطيبه ويشمه لطيب رائحته فإذا أحب لأخيه المسلم هذه الرائحة وأخرجها على وجه الهدية فلا بأس وذلك أنه تستطيبه النفس، وإذا كان على وجهٍ خاص هدية لمريض ونحو ذلك فلا بأس، لكن المحذور أن يخرجه على وجهٍ محذور مثل أن يكون على هيئة وصفة خاصة يتشبه بها بأعداء الإسلام من النصارى ونحو ذلك هذا ليس خاصًا بالزهور، كل شيء أو تخصيص يوم ونحو ذلك على صفة تشابه اليهود والنصارى أو أي عيد من الأعياد المبتدعة هذا لا شك يمنع لأنه بدعة ولأنه يعني من جهة المبتدع ومن جهة التشبه فيه وتخصيص الهدية على هذا الوجه المشابه لغير أهل الإسلام، أما الوجه المتقدم فلا بأس به كما تقدم. والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) أخرجه البخاري رقم  (2445)، (2)أخرجه البخاري رقم  (2586)، (3) أخرجه البخاري في الأدب المفرد (594)، والدولابي في الكنى( 1/150)  وأبو يعلى رقم (6148)، والبيهقي ( 6/169)، والقضاعي في مسند الشهاب (657)، كلهم من طريق ضمام عن موسى بن وردان عن أبي هريرة مرفوعا. قال الحافظ ابن حجر: إسناده حسن التلخيص (3/163) وقال العراقي أخرجه البُخَارِيّ فِي كتاب الْأَدَب الْمُفْرد، وَالْبَيْهَقِيّ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة بِسَنَد جيد.تخريج الإحياء للعراقي (1/478) وقال الألباني:حسن،‌‌ انظر صحيح الجامع‌ حديث رقم‌(‌ 3004 ). (4) أخرجه الترمذي برقم (2130)، وأبو بكر القرشي في مكارم الأخلاق(ص:109) من طريق محمد بن سواء حدثنا أبو معشر عن سعيد عن أبي هريرة t: به. وقد تابع محمد بن سواء، خلف بن الوليد كما عند أحمد في المسند (2/405)، وكذلك أبو داود الطيالسي كما في مسنده (1/307)، والليث في مسند الشهاب ( 1/380)، وابن المبارك في مكارم الأخلاق(ص:109)، وفي البر والصلة للمروري (ص:121). (5) أخرجه البخاري رقم  (2259)، (6) أخرجه مسلم رقم  (2253)، (7) أخرجه أبو داود برقم (4172)، والنسائي برقم (5259)، وأحمد في المسند (8065). (8) أخرجه البخاري في صحيحه ­ كتاب المناقب (7/22) والترمذي في المناقب­ حديث .(3773) (9) أخرجه البخاري رقم  (3753)، (10) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (3990) . (11) أخرجه البخاري رقم  (13). ومسلم رقم (45)،
(12) أخرجه النسائي في الصغرى رقم (5017).


التعليقات