يقول السائل : اشترى أبي من صاحبي قرض بنك التسليف، لأني محتاجٌ إليه، وصاحبي غير محتاج، اشتريته بخمسة آلاف، وآخذ من البنك ستين ألفًا، هل يجوز ذلك، وأنا أقوم بالسداد الشهري؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ;
ينظر في القرض هذا، إن كان هو أخذه من البنك بوكالة من هذا الشخص، واستعمل اسم هذا الشخص؛ لأنه لم تتوفر فيه الشروط، فاستخرج قرضًا باسمه لكن من الأصل ومن النية أنه عن فلان من الناس، عنك مثلا، فهذه مسألة.، وهي في الحقيقة وساطة في قرض، ولا بأس لإنسان أن يتوسط لإنسان في أن يقرضه، يقول فلان محتاج فلعلك تقرضه، فهذا لا بأس به، فإن أعطاه شيئًا مقابل وساطته أو شفاعته، هذه موضع نظر.بعض أهل العلم يرى أن مثل هذه الشفاعات والوساطات لا يجوز أخذ المال عليها، لحديث أبي أمامة أنه عليه الصلاة والسلام قال: «من شفع لأخيه شفاعًة، فأهدى له هدية فقبلها، فقد أتى بابًا عظيما من أبواب الربا»(1). رواه أبو داوود وغيره من حديث القاسم بن عبد الرحمن الشامي عن أبي أمامة، إذا كان هذا بالهدية، الشيء المشروط أشد، فعليه أن يتنزه عنها. ومن أهل العلم من جوزها، خاصة إذا كان ليس مشروطًا، ثم هذا مبني أيضًا على مسألة وهي أن يكون غير مخالف، ولا يكون فيه خداع، ولا يترتب عليه كذب ونحو ذلك، وأن مثل هذا يجيزه بنك التسليف.
الحالة الثانية: أن يستقرض لنفسه هو، ويأخذ باسمه، ثم بعدما أخذ القرض استغنى عن هذا المال، ووجد أن هذا المال يكلفه كثيرا، ويسدد أقساطًا شهرية، وهو قد استغنى عنه، وهو قدم لحاجته في حينها، ويريد الخلاص منه، لاستغنائه عنه، فهذا فيه نظر؛ لأنه في الحقيقة أخذه عن نفسه، واقترض لنفسه وملكه، وخاصة إذا كان قد سدد بعض الأقساط، ثم هو بعد ذلك يريد أن يبيعه، هذا يشبه بيع المال، لأنه قد أخذ المال في الحقيقة، وملكه، فإذا أعطاه مثلا ستين ألف وثم أعطاه مقابلها خمسة آلاف، فيه شبهه من بيع الربا على سبيل المفاضلة. ويمكن أن يقال إن هذا يجري سبيل التنازل، لأن مثل هذا في الغالب لا يباع، لا يبيع ستين ألفا بخمسة آلاف، وهذه مسألة فيها خلاف، الله أعلم، مسألة يجب فيها موضع نظر، ثم الصورة المذكورة لا أدري على أي الوصفين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أخرجه أبو داود رقم (3541) وحسَّنه الألباني .