مصدر الفتوى :
اللقاء المفتوح
السؤال :

ما حكم بيع الجوالات التي فيها كاميرا أو نغمات موسيقية ؟

الإجابة

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله ... وبعد ; الجوال وغيره من الأجهزة من وسائل للاتصال والاستعمال؛ فهي في ذاتها مباحة، والقاعدة في الشيء المباح ينظر فيما يستعمل كسائر ما يستعمل في الأمور المباحة، فليس النظر فيه النظر فيما يؤول إليه، أو فيما يستعمل فيه فإن استعمل في محرم كان محرمًا، وهذا الباب يجري في أمور المطعومات، والمشروبات، فإن استعمل في محرم حرمت، كشرب الماء، أصل الماء من الطيبات، وسائر المأكولات، والمشروبات فلو استعين بها على محرم كانت حرامًا، إذا قدم شرب الماء لأناس يشربون الخمر مثلاً أو قوم يجلسون على أمر محرم، ونحو ذلك، أو قدمه لقطاع طرق أو سارقين كان محرماً من جهة الإعانة على محرم، وهكذا سائر هذه الأشياء المباحات هي من هذا الباب، وعلى هذا لا يمكن أن يجاب بجواب عام، ومن أهل العلم من يقول: إن الشيء المباح البين الإباحة لا يضرك إذا بعته مادام أنه في نفسه مباحًا، ولو أن غيرك استعمله في أمر محرم، فلا إثم عليك الإثم عليه، هذا فيه نظر، فمن جوز استئجار الدار أو البيت على إنسان تعلم أو يغلب على ظنك أنه يستعمله في أمور محرمة أو يملئه بالمحرمات أو ما أشبه ذلك طالما أنت أجرته داراً مباحة، ونفع مباح في الأصل، وكونه يستعمله، والعقد ما وقع على شيء محرم، ما وقع العقد على أنه يبيع فيه الخمر أو الخنزير، لا، بل أنت أجرته الدار إجارة  مباحة جائزة، وربما أيضاً أستأجره لسكنه، ولأهله، وتعلم أو يغلب على ظنك أنه يشرب الخمر أو يجتمع مع أناس يشربون الخمر.، والأظهر، والله أعلم أن هذا لا يجوز هذا الأقرب، والقاعدة في قوله تعالى : (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ، والتَّقْوَى، ولَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ، والْعُدْوَانِ )[1]، والنبي عليه الصلاة والسلام لعن في الخمر عشرة في حديث ابن عمر، وابن عباس، وأنس مع أن الذي يشربها، واحد، ولعن فيها عشرة[2] ، وكذلك في حديث جابر، وحديث علي، وحديث ابن مسعود أنه عليه الصلاة، والسلام :" لعَن آكلَ الرِّبا، ومؤْكلَهُ، وشاهديْهَ، وكاتبَهُ "[3]، مع أن الآكل، واحد، وكل هؤلاء هم وسائل، وطرق إلى الأمر المحرم؛ فدل على أن ما كان وسيلة في الأمر المحرم فهو محرم.وعلى هذا نقول: إن هذه الجوالات، وهذه الكاميرات، ونحو ذلك الحالة الأولى: تقطع أن من يشتريها لا يستعملها في محرم هذا لا بأس في ذلك. الحالة الثانية: غلب على ظنك أنه لا يستعمله في محرم كذلك لا بأس بذلك بصرف النظر عن كون الصور محرمة أو جائزة، في حد ذاتها. الحالة الثالثة: تقطع أنه يستعمله في محرم فالأصل لا يجوز، يغلب على ظنك أنه يستعمله في محرم لا يجوز، وغلبة الظن يعمل بها في الشريعة[4]، تشك في هذه الحالة الأظهر فيها إذا شككت فالأصل هو السلامة، إذاً فيه ثلاث أحوال يجوز بيعه إذا غلب على ظنك أو قطعت أو شككت في ذلك ، قطعت أنه لا يستعمله في محرم أو غلب على ظنك أو شككت فالأصل فيه الجواز إلا إذا كان في وقت يكثر استعماله ، مثل إنسان باعه لإنسان، ويغلب على ظنه أن من يشتريه من هذا الجنس يستعمله في محرم ، مثل اليوم كثير من الجوالات تستعمل في محرم، هذا في الحقيقة خارج دائرة الشك داخل في دائرة غلبة الظن.  لكن لو جاءك إنسان مستور الحال، ولا تعلمه، واشترى كما يشتري غيره فالأظهر حمله على حسن الظن، والله أعلم .



(1) [المائدة/2] ([2] ) أحمد  (4787)،  (5290)، وأبو داود ( 3666) . وابن ماجه (3380). (3) أخرجه مسلم في صحيحه (1598) ، وهو عند أبي داود (3/244) (3333) ، والترمذي (3/512) (1206) ، وابن ماجه (2/764) (2277) ، وأحمد (1/393، 394، 402، 453) ، ابن حبان (11/399) (5025) ، وأبو يعلى (9/79، 235) (5146، 5344). ([4] ) ينظر  الموافقات للشاطبي 4/165. بلفظ " غلبة الظن معمول بها في الأحكام "  وفي لفظ : " البناء على الظن الغالب أصل مقرر في الشرع " شرح سنن ابن ماحه1/85 . و حاشية الدسوقي على الشرح الكبير للدردير 4/288 . وبنحوه في نشر البنود على مراقي السعود للشيخ سيدي عبد الله بن الحاج إبراهيم الشنقيطي العلوي 2/207 وفي لفظ : " الأحكام منوطة بغلبة الظنون " النوازل الكبرى ، للوزاني 1/52 . وبنحوه في شرح الزركشي 5/458 .


التعليقات