• تاريخ النشر : 31/07/2016
  • 219
مصدر الفتوى :
فتاوى المسجد الحرام - رمضان 1435
السؤال :

أخونا سأل: عن عقد المرابحة؟

الإجابة

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ; عقد المرابحة كلام أهل العلم فيه كثير، والبحوث فيه كثيرة لأهل العلم، وهو من العقود المستحدثة، وهو يعني عقد الآمر بالشراء، تأتي مثلاً وتطلب من البنك، أو تطلب من الشركة أن تشتري لك سلعة هي ليست عندها، ويحصل بينك وبينهم اتفاق بربح معين، يقولون: نبيعك السلعة بكذا، وهم يشترونها بكذا، وربحها كذا، والأقساط كذا، هذا عقد شرطت فيه المرابحة ابتداءً، ويكون الآمر هو المشتري، هم يقولون مرابحة وفي الحقيقة ما في مرابحة، لأن مرابحة صيغة مفاعلة، والمفاعلة في الغالب بين طرفين، والربح في الحقيقة لشخص واحد، أو جهة واحدة، وهي ليست فيها صيغة مفاعلة، وإن كانت صيغة المفاعلة قد تأتي في اللغة على شخص واحد، لكن هنا في هذه الصيغة وفي هذه الصورة الربح خاص بالجهة الأخرى، من بنك أو شركة، أما هذا فربحه ليس مع الشركة إن أراد أن يتربح بها، وربما يكون يريد أن ينتفع بها، وربما يريد أن يبيعها بحسب حاجته. هذا العقد وقع فيه خلاف كثير ونزاع، وكثير من الباحثين وأهل الاختصاص والاقتصاد ربما أوقعوا إشكالاً في التقيد به، خاصة أنه حينما يقع العقد توضع الشروط والقيود على الآمر بالشراء، والاتفاق الذي بينهما هو في الحقيقة ليس مواعدة، هو عقد مبرم، إنما سمي مواعدة صورة، وإلا في حقيقته عقد مبرم، لا يمكن يرجع، ولهذا إذا كان على الصورة التي فيها إلزام، أو فيها قيود، أو فيها شروط لا يمكن أن يتراجع الآمر بالشراء فهو في الحقيقة البنك أو الشركة باعت مالم تملك، هذه العلة الأولى، ربحت فيما لم تضمن، هذه الثانية، الثالثة: أنها فيها شبهة ربا، لأن ليس المقصود إلا زيادة المال، والسلعة ليس فيها أي قصد ولا نية شراء، كلها علل موجودة في هذا العقد حينما يبرم على هذه الجهة، ويكون جهة إلزام. أما إذا كان مواعدة حقيقية يعني ليست صورية، ويكون الآمر بالخيار، يعني لا يُلزم بالشراء، فهو بالخيار بعد ذلك، ثم أيضاً لا يوضع عليه قيود أو يُلزم بأموال أو رسوم، يسمونها رسوم، سمها ما شئت لكنها رسوم ثقيلة، يقول: كيف أتراجع؟ أنا دفعت الرسوم، قد تكون الرسوم في الحقيقة تعادل قسط، في الغالب أنه ما يرجع، خاصة حينما يكون محتاج، هم يعلمون أنه سوف يبرم العقد ولن يتراجع، هذا بمثابة العقد، والعبرة في العقود بالمقاصد والمعاني على الصحيح، ليس بالألفاظ والمباني، ما دام المعنى والقصد من العقد هو إبرامه وإن سميته ما سميته، إما إذا كان مواعدة حقيقية وله الخيار، والشروط والعقود ليس فيها ذلك التشديد، وفيها سعة، فمثل ما تقدم معنا في بعض الأسئلة لبعض إخواننا، حينما يكون الإنسان يتصدر في بيع أجهزة أو شيء ويأتي لإنسان، هذا مثله في الحقيقة، المرابحة يأتي في صورة أي شخص، أي شخص يبيع هو بيع مرابحة إذا كانت السلعة ليست عنده، مثلاً أنت تبيع في الأجهزة أو السيارات أو الكتب أو في الملابس ويأتيك إنسان وأنت ما عندك هذا الشيء، لكن تقول أنا متصرف لهذا الشيء، وأنا لي من أتعامل معه مباشرة فأحضره، ماذا تريد؟ أريد كذا، بعدها تبين له السعر، تقول السعر كذا وأنا أبيعك بكذا، أنت لا تلزمه لأنك سوف تشتريه، ولا تلزمه لأن لك زبائن كثيرون، فإن لم يشتري منك هذا بعته على غيره، وهذا هو الواجب، ثم ولله الحمد الطرق والسبل الشرعية واسعة، والأصل الحل والإباحة، ولو أنه بُحث ونُظر الشريعة فيها سعة، في كلام أهل العلم الشيء الكثير، يعني قد يحصل بعض الشيء وقد لا يحصل لكن عند البحث يتبين أشياء موجودة في كلام أهل العلم ، لكن ربما لأن كثير من البنوك لا تتقيد بأمور شرعية وبعذها بنوك ربوية، وربما أيضاً بعضها تتعامل ببضع المعاملات تكسب من وراءها مكسب، وقد تكون معاملات غير صحيحة، أو قمار، أو ربا، أو نحو ذلك، فلهذا يتعامل هذه المعاملات، مع أن الربح الطيب والكسب الطيب فيه السعة والخير والبركة، وإلا فمن ضمن السبل: خيار الشرط عند العلماء، بيع صحيح عند العلماء، يعني يشتري مثلاً البنك سلع كثيرة بخيار الشرط من شركات، سيارات أو عقارات أو أجهزة أو أي شيء، يشتري بخيار الشرط، ويكون خيار الشرط مثلاً عشرة أيام، خمسة عشر يوم، شهر، لهذه السلع، ثم بعد ذلك يفتح الباب للزبائن يشترون منه، لأن ما دام خيار الشرط له وليس للبائع فلك أن تتصرف، مثلاً لو أني اشتريت شيء واشترطت عليك الخيار خمسة أيام، وأنت ما لك خيار، أنا في خيار خمسة أيام بعت هذه السيارة من إنسان خلا يومين، انتهى شرط خياري وبيعي صحيح، ولزم البيع في حقي وحقك، والبيع صحيح، كذلك البنوك أوالشركات لهم أن يشتروا بشرط الخيار، فيشترون بشرط الخيار مثلاً سلع معينة ثم يفتحون مزاداً أو بيعاً مدة مثلاً خمسة وعشرين يوم قبل انتهاء خيار الشرط بثلاث أيام، أربعة أيام، حتى يمكن أن ينهوا الإجراءات مع الشركة الأخرى أو الجهة المصدرة، مدة ثلاث أسابيع، أربعة أسابيع، ثم قد يبيعونها كلها وقد يبيعون تسعين في المئة، فما باعوا من هذه نفذ في حقهم، وصار بيعاً صحيحاً، ولازماً لهم، وما بقي في هذه الحالة هم بالخيار مع من اشتروا منهم، إن شاءوا بعد ذلك أن يمضوا البيع، وإن شاءوا أن يبقوا خيار الشرط، لهم ذلك، وهذه طريقة سهلة وفيها السعة ولله الحمد، ويسلم الناس فيها من الوقوع في الحرج، وتحصل البركة في الحقيقة والخير في هذه البيعات.


التعليقات