يقول رجل تقاعد ولكنه لم يوفي بعدد ساعات العمل الفعلية هل يتصدق بالجزء الذي قصر فيه أم ماذا عليه؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ... وبعد ;
الواجب على الإنسان أن يوفي بالعقد الذي بينه وبين الجهة التي تعاقد معها سواء كانت جهة حكومية أو قطاعًا خاصًا؛ لأن الإجارة عقد خاص ولأن الأجير من يستوفى نفعه أو من يقدر نفعه بزمن فنفعه مملوك لمن تعاقد معه والواجب الوفاء بالعقد الذي بينه وبين هذه الجهة سواء كانت قطاعًا خاصًا أو قطاعًا عامًا وهو أبلغ فإذا فرط فلا شك أن هذا لا يجوز فعليه أن يجتهد إذا كان عنده قدرة على التخلص ويحسب ما تيسر باجتهاده بالساعات التي ضيعها ولم يكن ترك ذلك لحال ضرورة إنما تفريط في العمل وأمكن أن يقدر هذا الشيء ولا ضرر عليه في ذلك فإنما يتخلص من هذا لأنه مال حرام وربما يكون له وجه فيمن وقع في أمر حرام وهو عالم بذلك ثم تاب وندم منه فهل يجوز له ذلك هذا يبني على أصل وعلى قاعدة ذكرها شيخ الإسلام رحمه الله فيمن تساهل في بعض التعامل في بعض الأمور المحرمة ثم تاب وندم فذكر ما معناه أنه إذا كان يعفى عن الكافر
{قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} (1) فالمسلم الذي فرط في شيء من ذلك فهو من باب أولى وقد يفرق بين ما إذا كان هذا يتعلق بغيره، مثل الأعمال التي قد تكون نفعًا متعلقًا بالغير وبين ما إذا كان على سبيل التجارة والبيع والشراء فهو استوفى فالذي عمله استوفى ما عمل مثل لو تبايع في أشياء محرمة فذاك أعطى الحرام وذاك أخذ الحرام فلا نقول تعطي ذاك وترد له المال الذي أخذته منه كما لو استأجره على الغناء فيرد المال على المستأجر على الغناء فيجتمع له سماع الغناء ويجتمع له المال الذي بدأ من سبيل حرام فربما يكون هذا فرط من جهة أنه متعلق بغيره فكأنه حق من حقوق الغير كما لو فرط في أمانة أو مال فإن عليه أن يوصله إليه فإن لم يتمكن من إيصاله إليه فإنه يخرجه بنية الصدقة عن صاحبه والله سبحانه وتعالى يعلم صاحبه كذلك نقول هذا المال الذي أخذه على غير هذا الوجه وهو يتعلق بمصالح المسلمين والمصالح العامة ،كأنه ملك للغير هو الذي فرط فيه فيتخلى ويخرجه ليتخلص منه من باب السلامة والبراءة من هذا المال والله أعلم، وصلَّ الله على نبينا محمد.