• تاريخ النشر : 31/05/2016
  • 234
مصدر الفتوى :
اللقاء المفتوح
السؤال :

ما حكم البيع الآجل مع تحديد السعر والوقت؟

الإجابة

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله ... وبعد ; إن كان الأجل ممتد وأجل طويل، ويغلب على الظن ، أن الشخص لا يبقي ولا يكون حياً هذه المدة، فهذا عقد باطل، كما نص عليه في الصحيحين(1)، وإن كان يغلب على الظن وجوده، فهذا يصح، ولو كان الأجل طويل، عقد مثلا عشرين سنة أو ثلاثين سنة، كذلك مما يدخل في هذا أن الأجل مع تحديد الثمن، كأن يريد بيع بالتقسيط، وهذه مسألة فيها تفاصيل لأهل العلم، ولها صور وكثرت صورها في هذا العصر، وكلام أهل العلم وجماهير العلماء هو جوازه، جواز الأجل، وجواز الزيادة في السلعة، لأن الزمن له قيمة اقتصادية عند أهل الاقتصاد، فمن أراد أن يشتري سلعة بأجل سنة أو سنتين، فإن ثمنها يزيد، أما لو باعها بأجل بثمنها المؤجل هذا لا شيء فيه بلا خلاف، لو كانت سلعة تساوي مثلا مائة ألف حاضر، فاشتراه بمائة ألف إلى سنة، مقسطة، مؤجله، هذا جائز بلا خلاف، لكن لو كان ثمن السلعة مائة ألف حاضرة، واشتراها بمائة وعشرين مؤجلة إلى سنة، أجمع العلماء على جوازه، لأن الأول أنه بيع، والأصل في البيوع الحل، قال عز وجل (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ )(2)  وقال الله سبحانه وتعالي (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ ) (3)  ويدخل في الدين، ما كان المثمن معجل والثمن مؤجلاً، وهو بيع الديون، ويدخل في ما كان المثمن مؤجلاً، والثمن معجلاً ، وهو بيع السلف، قال: ابن عباس رضي الله عنهما: أشهد أن السلف المضمون إلى أجل مسمي قد أحله الله فيه كتابه  الله سبحانه وتعالي؛ ثم تلى قوله تعالي (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ ) (4)  ثم هذا الدين هو عكس السلم،  والسلم، جائز ولا خلاف، وقد علم أن السلعة لها ثمن إذا كان مؤجلة، أو إذا كانت غير مؤجلة، وقد اشترت عائشة رضي الله عنها بريرة في تسع سنوات (5) ، ويعلم أن قيمتها، تختلف، إذا كان معجل ، عنها أو إذا كانت مؤجلة، وثبت عن عبد الله ابن عمر عند أبي داود (6) أنه عليه الصلاة والسلام أراد أن يجهز الجيش فنفذت الإبل فكان يشتري عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما، البعير ببعرين إلى أجل الصدقة، فيشتري واحد بأجل ويعطيه بعيرين، وهذا فيه زيادة، في الأجل في البيع، البعير بالبعيرين، وفي رواية أخري عند البيهقي(7) أن النبي صلي الله عليه وسلم أمره بذلك، ورواية أبي داود، أيضا واضح أنه لم يكن إلا بأمره عليه الصلاة والسلام، وذلك لأنه كان يجهز الجيش، وأنه لم يجهزه إلا بأمره عليه الصلاة والسلام، وهو واقع في عهده وفي هذه القصة لا يتردد في علمه عليه الصلاة والسلام، وفي رواية أبي داود وسياقها، واضح وهي رواية جيدة، فهذا البيع، عند جماهير العلماء لا بأس به، لكن هنالك أنواع من البيوع استبعدت، وقد سبق الكلام عن بعض صورها، وقد تكلم عليها النبي صلي الله عليه وسلم ووقعت في هذا الزمان، وأن بعض الصور الموجود تحتاج إلى توافق حتى تخرج عن شأن الربا، ، وذكر بعض العلماء أن أهم ما يكون في هذا البيع أن يكون البائع مالك للسلعة، أو في حكم المالك، مثل الإنسان الذي يشتري سلعة، سواء كان يشتريها بثمن معجل، أو مؤجل، فتكون في ملك البائع ، أو تكون في حكم ذلك، كما لو عرض عليه أن يشتري سلعة، فلا بأس أن يواعده ويقول أنا أشتريها منك بكذا معجلاً وبكذا مؤجلاً، ثم إذا اشتراه كلاً منهم له خيار.


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) والسبب في ذلك هو الغرر والمخاطرة، فقد ثبت من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الحصاة، وعن بيع الغرر"، أخرجه مسلم رقم (1513) ، وأبو داود  حديث (3376) ، والترمذي رقم (1230) ، والنسائي 7/739 وابن ماجة رقم (2194) ، وأحمد(2/376) . وعن عبد الله بن عمر قال: "كان أهل الجاهلية يبتاعون لحوم الجزور إلى حبل الحبلة، وحبل الحبلة: أن تنتج الناقة ما في بطنها ثم تحمل التي نتجت فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك"  . أخرجه البخاري رقم (3848) ومسلم رقم (1515). قال ابن الأثير : حبل الحبلة: مصدر سمي به المحمول كما سمي بالحمل، وإنما أدخلت عليه التاء للأشعار بمعنى الأنوثة فيه، وذلك أن معناه: أن يبيع ما سوف يحمله الجنين الذي في بطن الناقة على تقدير أن يكون أنثى، وإنما نهى عنه؛ لأنه غرر، والحبل الأول: يراد به ما في بطن النوق، والثاني: حبل الذي في بطن النوق جامع الأصول(1/489). (2) سورة : البقرة (275). (3) سورة : البقرة (282). (4) أخرجه الإمام الشافعي في كتابه الأم (938) فقال: أَخْبَرَنَا أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ أَيُّوبَ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أَبِي حَسَّانَ الْأَعْرَجِ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا ، به .والحاكم في المستدرك"(3130) وصححه الألباني في الإرواء"(1369). (5) عنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: "جَاءَتْ بَرِيرَةُ فَقَالَتْ إِنِّي كَاتَبْتُ أَهْلِي عَلَى تِسْعِ أَوَاقٍ فِي كُلِّ عَامٍ وَقِيَّةٌ فَأَعِينِينِي .. الحديث.    أخرجه البخاري رقم (1493) ومسلم  رقم (938).
(6) أخرجه أبو داود رقم (3357) وأحمد  رقم (6557). والحاكم في المستدرك (2/56) والدارقطني (3034) وصححه. والبيهقي في السنن الصغرى (1941).  (7) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (5/287).


التعليقات