مصدر الفتوى :
فتاوى المسجد الحرام - رمضان 1435
السؤال :

يقول السائل : هناك شركات أسفار تخرج النساء للحج والعمرة بدون محرم، ويعتبر الوكالة محرماً لهن، فهل هذا جائز شرعاً؟

الإجابة

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ; المحرم ليس بالوكالة، توكل على موليتك، توكل شريكها، هذا ليس محرم، إنما الواجب كما قال عليه الصلاة والسلام: "لا يحل لأمرأة، تؤمن بالله واليوم الآخر، أن تسافر مسيرة يوم وليلة ليس معها حرمة"(1)  كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة، وكذلك في الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري: "لا تُسافرُ المرأةُ مسيرةَ يومَين إلا ومعَها زوجُها أو ذو مَحرَمٍ" (2)، كذلك في لفظ آخر: "مسيرةَ ثلاثِ ليالٍ" [صحيح مسلم] في حديث ابن عمر(3)، وأبي هريرة، وأبي سعيد، كلها في الصحيحين: يومين، ويوم، وثلاثة أيام، وفي حديث أبي هريرة أيضاً في لفظ آخر عند أبي داود بإسناد صحيح: "لا تسافرِ امرأةٌ مسيرةَ بريدٍ"، وعند الطبراني: "مسيرة ثلاثة أميال إلا مع محرم"، ومن حديث ابن عباس: "لا تسافِرُ امرأةٌ إلَّا مع محرَمٍ"(4)، أطلق أي سفر، قال العلماء: إن النصوص إذا جاءت مطلقة وجاءت مقيدة، فإن كان المقيد واحداً، يحمل المطلق على المقيد، بهذا المقيد الواحد، وإن كانت المقيدات أكثر من واحد فإنه لا يقيد بواحد منها، ويُعلم أن التقييدات مجرد مثال، ويُرجع إلى أصل الإطلاق، كما نص عليه علماء الأصول –رحمة الله عليهم-، إذا كان عندك مطلق واحد وله أكثر من قيد، فلا تقيده، ويكون التقييد المذكور مجرد مثال، لماذا لا نقيد؟ لأننا لو قيدنا لأفضى إلى التناقض، لأنه حينما نقيد: هل نقيد حديث ابن عباس: لا تسافر امرأة مسيرة يوم أو مسيرة يومين أو مسيرة ثلاث أو مسيرة بيرد أو مسيرة ثلاثاة أميال، لو قيدنا هذا ناقضنا هذا، وحديث كذلك أبي هريرة(5) وحديث عبد الله بن المغفل الذي فيه: "إذا وَلَغ الكلبُ في الإناءِ فاغسِلوه سبعَ مراتٍ، وعَفِّروه الثامنةَ في التُّرابِ" (6)، عند أبي داود بسند صحيح: "السابعة بالتراب"(7)، هذه لا يمكن أن نقيدها، حينما نقول يغسل بأي واحدة، لأن التقييد هنا مجرد مثال. ولهذا الصحيح أن المرأة لا تسافر أي سفر، يعني لا تخرج أي خروج حتى ولو لم يكن السفر يُقصر فيه، بعض الناس يظنوا أن خروج المرأة الذي يشترط المحرم هو ما تُقصر فيه الصلاة، وهذا ليس بصحيح، لا، المراد به مجرد الخروج، ولهذا قال: "لا تسافر امرأة"، ولو كان هذا السفر لا تقصر فيه الصلاة، إلا أنه يستثنى من الخروج لظاهر البلد الذي يكون قريب من البلد، مثل امرأة تخرج مثلاً إلى مكان قريب من البلد تشتري حاجتها من مكان خارج البلد، مثل ما كانت أسماء بنت أبي بكر الصّدّيق رضي الله عنهما:"كنت أقوم على مال الزبير، كنت أدق النوى، وأعلف فرسه، -وذكرت أشياءً-(8) ولم يكن شيء أشد علي من معاناة الفرس، وكان البستان منا على ثلثي فرسخ من المدينة. –الفرسخ ثلاثة أميال-" الفرسخ ثلاثة أميال وهي تقول ثلثي فرسخ يعني: أنه قرابة مسافة ميلين، والميل يقارب تقريباً 1800 كيلو، يعني قرابة 4 كيلو، فتكون على ثلثهما، فكانت تخرج –رضي الله عنها- بغير محرم، ومرة لقيها النبي –عليه الصلاة والسلام- وكانت في الطريق تمشي، فهذا الخروج لا بأس به، الخروج القريب، إنما خروج السفر أو خلوتها مع غير محرم، هذا كله لا يجوز، وبذلك وأِد شركات مثلاً تخرج معها النساء، هذه مسألة أخرى فيها خلاف، وهي إذا كان معها غيرها من النساء هل يجوز أو لا يجوز؟ موضع خلاف، جوز الجمهور خروج المرأة للحج والعمرة دون سائر الأسفار، ينبغي أن يُعرف أن الجمهور بلا خلاف إنما جوزوا خروج المرأة مع النساء، إذا كان سفر حج وعمرة، أما غير الأسفار فلا، يمنعه الجمهور، مع الأمن أن يكون نسوة ثقات، والأدلة معروفة، لكن إذا كان ليس هناك شحمة وليس هناك ثقة لمن معها في هذه الحالة عليها أن تحتاط، والحمد لله لم يجب عليها الحج، ثم الصحيح أن المحرم شرط وجوب لا شرط لزوم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1)أخرجه البخاري (1088)، ومسلم (1399) واللفظ له. من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. (2)أخرجه البخاري (1995)، ومسلم (1340) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه. (3)  أخرجه البخاري (1087)، ومسلم (1338) من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما. (4)  أخرجه مسلم (1341) من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما.
(5) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: "إِذَا شرب الْكَلْبُ فِي إِنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْسِلْهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ" أخرجه البخاري (172)، ومسلم (279) (90). (6) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغَفَّلِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: "إِذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي الْإِنَاءِ فَاغْسِلُوهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ، وَعَفِّرُوهُ الثَّامِنَةَ بِالتُّرَابِ". أخرجه مسلم رقم (280). (7)  أخرجه أبو داود رقم (74)، والنسائي (1/ 54). (8) أخرجه البخاريّ رقم (5224)، ومسلم رقم (2182)، من حديث أسماء بنت أبي بكر الصّدّيق رضي الله عنهما.


التعليقات