يقول السائل : ما معنى الاستطاعة في الحج في قوله تعالى " من استطاع إليه سبيلا " ؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ;
الاستطاعة فسرها النبي عليه الصلاة والسلام في حديث أنس(1), في حديث ابن عمر(2), وعن عائشة(3), وعن جمع من الصحابة من طرق أخرى عنه قال عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ في قولِهِ عزَّ وجلَّ { مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا } قال : قيل يا رسولَ اللهِ ما السبيلُ قال : (الزادُ والراحلةُ ). والبعض ضعف هذا الخبر فقالوا إن مالك رحمه الله وحده هو الذي يأخذ بذلك ويقول : " من استطاع وجب عليه".
والأظهر والله أعلم أن نقول التوسط في هذا, ومن استطاع وجب عليه . فإن كان الإنسان في بلاد بعيدة فلا بد من زاد, ولا بد من راحلة تحمله, طائرة, سيارة, باخرة, حسب الوسيلة التي يمكن أن يصل بها إلى مكة, وأيضاً لا بد من مال يكفيه في سفره وإقامته في مكة, إلى أن يرجع إلى بلده, إن وجد هذا المال الذي يزيد عن حاجته في ذهابه ورجوعه ومكثه وزائد عن حاجته لنفسه ولأولاده, إذاً فهو مستطيع وإلا فلا . ونأتي لإنسان آخر قريب من مكة يمكنه أن يحج بدون راحلة, ويمكنه أن يتنقل بين المشاعر نقول وجب عليه, وإن لم يمكن هذا كما هو الغالب الآن خاصة التنقل بين المشاعر, ففي الغالب أنه يشق لكثرة السيارات, وإن كان بعض الناس يمكنهم مع وجود طرق للمشاة يمكن أن يتنقل المقصود من هذا هو الواجب, وهو وجود الزاد والراحلة إلا من استطاع بلا مشقة وقريب من مكة أن يحج بلا راحلة, أو يقول أنا ما عندي زاد يزيد عن حاجتي في السنة إلا أن زادي المعتاد هو زادي أيام الحج, لأنني في مكة, وقريب من مكة, فهذا مما يظهر يلزمه الحج .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) حديث أنس رضي الله عنه؛ أخرجه الحاكم في المستدرك (1/441) .
(2) حديث ابن عمر رضي الله عنه أخرجه الترمذي (2998) وابن ماجة في السنن ( (2896 والدارقطني ( 2397 ) .
(3) حديث عائشة رضي الله عنها أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (4/329).