يقول السائل : ما حكم صيام أيام التشريق للحاج الذي لا يستطيع الهدي؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ;
نعم، نعم أيام التشريق مثل ما جاء عن عائشة وابن عمر، "لم يرخص في أيام التشريق أن يصوم منها إلا لمن لم يجد الهدي"،(1) هذا هو قول الجمهور، قالوا إن من لم يستطع، إن من لم يستطع، إن من لم يتمكن من صوم أيام التشريق، قبل الحج، فأمكن أن يصوم أيام التشريق خالف بذلك الأحناف، وقالوا إن النبي عليه الصلاة والسلام قال: "أيام التشريق، أيام أكل وشرب وذكر لله عز وجل"، كما رواه كعب بن مالك، ونبيشة الهذلي في صحيح مسلم. (2) والجمهور استدلوا بدليلين: عموم قوله سبحانه وتعالى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ}[البقرة:196]، فقالوا عموم قوله: سبحانه وتعالى {فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ}[البقرة:196]، لم يقل قبل الحج، أو بعد الحج، بل يشمل، أيام الحج كلها، إلا ما وقع الإجماع على منع صومه وهو يوم النحر، فقالوا يدخل في هذا العموم أيام التشريق، حتى من الآية، والأحناف استدلوا بالآيات، والأحاديث التي فيها"أيام التشريق أيام أكل وشرب".
ومنهم من رد هذه المسألة إلى مسألة أصولية، وهو هل يجوز تخصيص عموم المتواتر بعموم الآحاد؟ فقالوا إن قيل يجوز، فإنه لا تصام. وإن قيل أنه لا يجوز أو لا يصح فإنها تصام. قالوا إن قيل لا تصوم أيام التشريق أرجعها إلى جواز تخصيص عموم المتواتر، بعموم الآحاد.هذا قول الأحناف.
ما هو المتواتر العام، وما هو الآحاد العام؟.
لا في الدليلين المذكورين، ما هما الدليلان، عندنا دليلان سبق ذكرهما، أحدهما متواتر والأخر آحاد.
أولا: عموم قوله سبحانه وتعالى{فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ}[البقرة:196]، القرآن مذكور فيه هذا عام، قالوا هذا العموم يشمل عموم أحوال الحاج، قبل الحج وفي أثناء الحج.
إذا فما معنى عموم المتواتر، وعموم الآحاد؟.
في قوله "أيام التشريق أيام أكل وشرب"، ما هو العموم فيها؟.
طيب ما وجه العموم، ما وجه العموم فيها، أن العموم ماذا يشمل؟.
إيه إيه قصدي وجه العموم، وجه العموم ما هو؟.
هم قالوا قالوا إن إن الحاج لا يصوم أيام التشريق إلا بدليل، قلنا ما هو الدليل؟ قالوا: حديث "أيام التشريق أيام أكل وشرب"، فإذا قيل لهم الآية عامة قالوا لكن هذا العموم عموم الآحاد، يخص عموم الآية. ما وجه تخصيص عموم الآحاد عندهم بعموم الآية؟. عام للحاج وغيره، أن العموم في الحديث، في قوله أيام التشريق، أيام أكل وشرب، يشمل ماذا؟الحاج وغير الحاج، لكن هذا ضعيف.
أولا أن نفس الحديثين، دلالتهم لا يمكن أن تقوى على مثل هذا.
الأمر الثاني أنه جاء ما يقوي عموم قوله سبحانه وتعالى{فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ}[البقرة:196]، بقول لابن عمر وعائشة رضي الله عنهما، إذا التقوية من جهة عموم المعنى لهما في قولهما:"لم يرخص في أيام التشريق الصوم إلا لمن لم يجد الهدي". وجاء في رواية عند الطحاوي والدارقطني ويحي بن سلام عن شعبة، قالوا لم يرخص رسول الله، صرح بأن المرخص من هو؟ الرسول عليه الصلاة والسلام(3).
إن كان بعضهم تكلم في هذه الرواية وقال الصواب، رواية البخاري، وأكثر الرواة عن شعبة خالفوا يحي بن سلام وهم أقوى منه، لكن يستأنس بها مع أدلة لم يرخص، الصحابي حين يقول لم يرخص أو لم يرخص، المرخص في مثل هذا هو النبي عليه الصلاة والسلام، ولا يريدون إلا هديه وسنته عليه الصلاة والسلام.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، وَعَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، قَالاَ: «لَمْ يُرَخَّصْ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَنْ يُصَمْنَ، إِلَّا لِمَنْ لَمْ يَجِدِ الهَدْيَ» . أخرجه البخاري (1999).
(2) أخرجه مسلم (1141).
(3)أخرجه الطحاوي في شرح معاني الأثار (4092). والدارقطني (2285). وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: ضَعِيف. هو من حَدِيث عبد الْغفار بن الْقَاسِم، عَن الزُّهْرِيّ، حَدثنِي عُرْوَة بن الزبير قَالَ: قَالَت عَائِشَة، وَابْن عمر " لم يرخص رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لأحد فِي صِيَام أَيَّام التَّشْرِيق إِلَّا لمتمتع أَو محصر " قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: أَخطَأ فِي إِسْنَاده عبد الْغفار وَهُوَ ضَعِيف.قلت: وَكذبه سماك بن حَرْب وَأَبُو دَاوُد، وَقَالَ أَحْمد: لَيْسَ بِثِقَة،
كَانَ يحدث ببلايا فِي عُثْمَان بن عَفَّان، وَعَامة أَحَادِيثه بَوَاطِيلُ. وَقَالَ ابْن الْمَدِينِيّ: كَانَ يضع الحَدِيث. وَقَالَ أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ: هُوَ مَتْرُوك الحَدِيث، كَانَ من رُؤَسَاء الشِّيعَة. وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ من حَدِيث يَحْيَى بن سَلام، عَن شُعْبَة، عَن[عبد الله] بن عِيسَى بن عبد الرَّحْمَن بن أبي لَيْلَى، عَن الزُّهْرِيّ، عَن سَالم، عَن ابْن عمر قَالَ: " رخص رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ للمتمتع إِذا لم يجد الْهَدْي أَن يَصُوم أَيَّام التَّشْرِيق " ثمَّ قَالَ: يَحْيَى بن سَلام لَيْسَ بِالْقَوِيّ، وَقَالَ الدارقطني فِي «علله» (7) : هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ عُرْوَة عَن عَائِشَة، وَسَالم عَن ابْن عمر، قَالَا: " لم يرخص فِي صَوْم أَيَّام التَّشْرِيق إِلَّا لمن لم يجد الْهَدْي "فجعلاه كالمرفوع. (وَرَوَاهُ) قعنب بِإِسْنَادِهِ إِلَيْهِمَا ونحا بِهِ نَحْو الرّفْع، وَوهم فِيهِ، إِنَّمَا هُوَ عبد الله بن عِيسَى، وقعنب (ضَعِيف).
وَرَوَاهُ عبد الْغفار بن الْقَاسِم من حَدِيث عَائِشَة وَابْن عمر مَرْفُوعا، وَوهم فِيهِ، وَرَوَاهُ يَحْيَى بن سَلام بِإِسْنَادِهِ إِلَى سَالم عَن أَبِيه مَرْفُوعا، وَيَحْيَى لَيْسَ بِالْقَوِيّ، وَرَوَاهُ عُرْوَة عَنْهَا من فتواها. انظر البدر المنير لابن الملقن(5/682).