يقول السائل : امرأة من سكان المسجد الحرام، تعمل خارج مكة، ولا تأتي مكة إلا في الإجازات، تنوي الحج؛ فمن أين تُحرم؟، هل من الميقات وهي قادمة، أم من مكة يوم التروية؟ وهل عليها طواف وداع، وهل عليها ذبح فدية ؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ;
يُنظر إن كان من عادتها أنها تأتي إلى مكة لأهلها، وهي مستقرة في مكة لكن تذهب للعمل، مثل إنسان يكون من أهل مكة، ويعمل في الطائف يذهب كل يوم ويرجع، أو يذهب في الأسبوع مرتين ويرجع، أو يرجع في الأسبوع مرة،
في هذه الحالة، نقول حكمه حكم أهل مكة، وإحرامه من مكة، مادام أنها جاءت لتقيم عند أهلها، أو في بيتها، وإنما تذهب خارج مكة لأجل العمل، إلا إذا كان مجيء من كان من أهل مكة إلى مكة ليس لقصد الزيارة، وليس لقصد البقاء في مكة؛ إنما جاء لقصد الحج، في هذه الحالة أو العمرة يُحرم أو تحرم من الميقات.
نقول في هذا تفصيل:-
- يعني من كان من أهل مكة ويعمل خارج مكة، امرأة أو رجل، ثم جاء وقت الحج، وأراد أن يأتي إلى مكة قبل أيام الحج، في وسط ذي القعدة أوفي أول ذي الحجة، أو قبل يوم التروية بأيام، هل تحرم من الميقات أم تدخل مكة بغير إحرام، وتحرم من مكانها في مكة؟
نقول إن كانت جاءت إلى مكة على عادتها، كأن تأتي إلى مكة في الإجازات، أو تأتي مكة كل أسبوع لأهلها، سواء تأتي ولها نية الحج، أو ليس لها نية الحج، نقول لا بأس تدخل بلا إحرام وتحرم من مكة، لأن أهل مكة حكمها حكم المتردد، فهذا لا إحرام عليه، وهذا لنفي الحرج، وإن كانت لا تريد أن تأتي إلى مكة، إنما دخلت مكة لأجل النسك، وإلا لولا إرادة النُسك لبقيت في عملها، في هذه الحالة مادام وجدت النية للنسك؛ فتحرم من الميقات، مع أن ظاهر كلام الجمهور إنهم لا يفرقون، لكن التفصيل؛ قال: فيه بعض أهل العلم خاصة إن مثل هذا قد يشق، يمكن يُقال المتردد الذي يأتي إلى مكة، وهو من أهل مكة وهو يريد الحج، مادام يذهب ويرجع، فهذا لا شيء عليه، يذهب اليوم ويرجع الغد كل يوم حتى أخر دخول ونزول لك إلى مكة، أخر نزول لك إلى مكة، ففي هذه الحالة أحوط أن يُحرم من الميقات، هذا الأحوط، أخذًا بقول الجمهور، لكن القول بوجوبه ولزومه موضع نظر لكونه من أهل مكة والنبي عليه الصلاة والسلام، قال: "حتى أهل مكة من مكة" في الصحيحين (1)، وهذا عام وقد علم أن أهل مكة في عهده عليه الصلاة والسلام، لهم حاجات، ويخرجون قبل أيام الحج، يخرجون خارج الحرم.
فلو كان المكي الذي يخرج خارج الحرم أيام الحج في أشهر الحج، وهو يريد النسك يلزمه الإحرام إذا دخل؛ لبين النبي عليه الصلاة والسلام، وهذا العموم يشمل المكي الذي في مكة، ويشمل المكي الذي يتردد، أو يكون له حاجات، كما تقدم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أخرجه البخاري (1524) ، ومسلم (1181).